كُتاب الرأي

سقطت أكذوبة حقوق الإنسان بجرائم اليهود في غزة

تقارير منظمات حقوق الإنسان تؤكد ارتكاب دولة إسرائيل لجرائم حرب في قطاع غزة، والأصوات الحقوقية في العالم وقفت بجانب فلسطين بالتزامن مع تجاهل أوروبي غير مسبوق لضغط الشارع المطالب بوقف جرائم إسرائيل، ومع هذا، تواصل إسرائيل الانتهاكات تلو الانتهاكات بحق المدنيين العزل، وسط دعم غربي وتجاهل متعمد لإبادة جماعية تنفذها نيابة عنهم دولة الاحتلال إسرائيل، وهنا من حقنا كشعوب عربية أن نتساءل .. ما الجدوى إذن من القانون الدولي الذي بدأ كأكثر التعبيرات المثيرة للسخرية عندما يستشهد به قادة أمريكا والدول الأوروبية التي لا ترى بأن ما يجري في غزة جريمة حرب أو إبادة جماعية لشعب أعزل يقع من يقوم بها تحت طائلة هذا القانون الذي يدوسون عليه بأقدامهم كلما ازدادت النداءات الإنسانية والحقوقية على مستوى العالم لوقف هذه المجزرة المدعومة منهم في قطاع غزة؟!!
إن الحركة الحقوقية العالمية أمام تحول حقيقي يهدد بتقويض المبادئ الدولية القائمة التي يرعاها القانون الدولي الإنساني والمبادئ القانونية المنظمة للنزاعات المسلحة، والحكومات الغربية، وعلي رأسها الولايات المتحدة التي ترفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار وتمد في نفس الوقت إسرائيل بالسلاح والطائرات والبوارج وكأن جميع الدول العربية والإسلامية جاءت بجيوشها لاحتلال إسرائيل لا بضعة مقاتلين يستخدمون أسلحة بدائية.


هذه المعايير المزدوجة للحكومات الغربية تهدد المبادئ الأساسية القانونية الدولية وتقوض قدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين في كافة أنحاء العالم، وتشكل خطرا حقيقيا على المبادئ الحقوقية وعلى النظام الدولي.
تقارير منظمات حقوق الإنسان تؤكد ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في قطاع غزة، والحكومات الغربية تتجاهل تلك المجازر ولسان حالها يقول:
“من حق إسرائيل أن تقتل كما جاء على لسان وزير دفاعها هذه الحيوانات البشرية التي تهدد أمنها القومي”، ولا نري قتلى إلا أطفالا رضعا وصغار سن وخدج ونساء عزل لا حول لهم ولا قوة.


“هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “العفو الدولية” منظمتان دوليتان تؤكدان للعالم أجمع في تقاريرهما ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في قطاع غزة، وتقوم بشكل متعمد بتدمير واسع للبنية التحتية والمستشفيات والمزارع والآبار والمراكز المدنيةووثقتا  هذه الجرائم وجرائم حرب أخرى واضحة للأعمى ترتكبها هذه الحكومة المتطرفة المحتلة الحاقدة العدوانية، مثل التهجير، واستهداف المرافق والطواقم الطبية، واستخدام القنابل الفوسفورية الممنوعة دوليا في المناطق المكتظة بالسكان.
هذه الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة تمثل واحدة من أوضح السوابق الإجرامية التي تقوم بها الدول منذ أكثر من 80 عاما، و تتحدث تلك التقارير عن المعايير المزدوجة للحكومات الغربية في التعامل مع الصراع في قطاع غزة، فبينما كانت تدين بالأمس اعتداءات مماثلة في اماكن أخرى من العالم، ها هي الآن تغمض عينها عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وقد أشار المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين إلى أن هذه المعايير المزدوجة تشكل خطرا حقيقيا على المبادئ الحقوقية وتقوض قدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين في كافة أنحاء العالم، ولكن ينطبق على هذه الحكومات الغربية قول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا .. ولكن لا حياة لمن تنادي

لقد انعدمت مصداقية أمريكا والحكومات الغربية تماما لدي الشعوب بعد مساندتهم لإسرائيل في الحرب على غزة، وخرجت المظاهرات الحاشدة ضد هذه الحرب غير المتكافئة وأثرت سلبا على مصداقيتهم، وغيرت نظرة الرأي العام الدولي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتقلصت في العالم مصداقية الدعم الغربي والأمريكي لإسرائيل.
إن تغير نظرة الرأي العام العالمي وخروج المظاهرات الحاشدة في عدد كبير من عواصم العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، احتجاجا على الحرب في غزة، مناصرة للقضية الفلسطينية، يعد انتصارا للقضية الفلسطينية التي كانت تخفي عدالتها الآلة الإعلامية الإسرائيلية والغربية عن أنظار العالم طوال خمس وسبعين سنة مضت، فقد كان يُظهر إعلامهم المتصهين إسرائيل معتد عليها ودولة مسالمة بين دول متوحشة متطرفة مليئة بشعوب تريد أن تأكل شعبها المسكين وتلقى بعظامه في مياه البحر الأبيض المتوسط، فجاءت هذه الحرب وغيرت نظرة الرأي العام العالمي، وبدأ الميزان يميل لصالح الفلسطينيين، والعالم بات ينتقد السياسة الإسرائيلية والغربية علانية، وبعض الحكومات الغربية، بما فيها الحكومة البريطانية والفرنسية، غيرت مواقفها تجاه شن الحرب الإسرائيلية على غزة وباتت تدعو إسرائيل إلى وقف القصف والعنف ضد المدنيين بعد أن كانت تدعمها في بداية الحرب بالمطلق.
ومن تأثيرات هذه الحرب وانعدام مصداقية الدعم الغربي والأمريكي لإسرائيل ، استقالة مسؤولين أمريكيين من مناصبهم، فقد استقال مدير الشؤون العامة والكونغرس لدى مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية الأمريكية، (جوش بول)، احتجاجا على استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، وشحن الأسلحة و الذخائر لمطاراتها ﻭ موانيها، كما سرب موقع “أكسيوس” مذكرة موقعة من ١٠٠ موظف في وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية تتهم الرئيس (جو بايدن) بنشر معلومات مضللة بشأن الحرب في غزة، وبدأت بعض الحكومات الغربية تعبر عن قلقها من الوضع في غزة وتدعو إسرائيل إلى وقف العنف والقصف وانعدمت لدي شعوبها مصداقية أمريكا والحكومات الغربية المساندة لها في الحرب على غزة.
وأدت هذه المساندة الهوجاء إلى انتقادات واسعة النطاق واحتجاجات حاشدة في عدة دول حول العالم، و تضامنت الشعوب المختلفة مع الفلسطينيين و استنكرت العنف والقتل الذي يتعرضون له من دولة حاقدة نازية بغيضة لا تحترم حقوق الإنسان ولا المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، ولأول مرة في التاريخ توجه لإسرائيل انتقادات حادة من العديد من الدول الغربية والمنظمات الدولية بسبب استخدامها للقوة المفرطة والقصف العشوائي الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، وخلفت عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين، ودمرت مئات الآلاف من المنازل، ومعظم البنية التحتية في غزة، وعرضت نفسها للانتقادات الحادة حتى من بعض من ينتسب للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

محمد الفريدي

محمد الفريدي

رئيس التحرير

‫10 تعليقات

  1. أود أن أشكركم على صحيفتكم الإلكترونية (آخرأخبارالأرض) وعلى الجهود الكبيرة والمميزه وعلى ماتبذلونه في تقديم المعلومات والأخبار الهامة للقراء. بكل بتفانٍ واحترافية عالية لتوفير محتوى ذو جودة عالية وموثوقية عالية.
    أود أن أشيد بدقة تغطيتكم للأحداث وقدرتكم على تقديم تحليلات موضوعية وشاملة. تعملون بشكل مثير للإعجاب ، مما يساعد القراء على البقاء على اطلاع تام بكل جديد
    أنا ممتن جدًا لجهودكم في تنويع المواضيع وتقديم محتوى ثري ومتنوع يلبي اهتمامات المتابعين. من خلال تناولكم للثقافة والفنون والعلوم والتكنولوجيا والرياضة وغيرها من المجالات، تساهمون في إثراء المعرفة وتوسيع آفاق القراء.
    أخيرًا، أود أن أعبر عن امتناني لكم على الابتكار والتطوير المستمرمما يجعل تجربة القراءة ممتعة وشيقه.
    شكرًا لكم مرة أخرى على العمل الرائع الذي تقومون به، وأتطلع إلى متابعة صحيفتكم ومتابعة تطوركم المستمر.
    سائلاً الله لكم التوفيق والسداد والله يحفضكم

    1. أعجبتني كثيرا رسالتك اللطيفة والمشجعة، نحن في صحيفة آخر أخبار الأرض الإلكترونية نعمل بروح الفريق الواحد لتوفير معلومات موثقة ومحتوى عالي الجودة للقراء، وسعداء لأنك وجدت في صحيفتنا ما يلبي احتياجاتك المعرفية.
      يعمل الصحفيون والكتاب والمحررون لدينا بشكل استثنائي لتقديم أحدث الأخبار والمواضيع الشاملة والموضوعية والمقالات المتميزة.
      فشكرا جزيلا لك مرة أخرى سعادة المستشار حمود الجريسي لوجودك بيننا، ونتمنى لك وقتا ممتعا معنا، وأهلا وسهلا بك من جديد.
      تحياتي

  2. كلام من ذهب من انأمل الماسية

    وأن كنت ارى تغيير المواقف الغربية ودكاكين حقوق الانسان ما هو الا مقدمة لمنح اسرائيل حجة لحفظ ماء الوجه ( القبيح) للدخول في هدنة مع المحافظة على ما اكتسبته على الارض من احتلال وتهجير جديد
    واعطاءها فرصة لالتقاط الانفاس
    والعودة بعد فترة كما هو الحال دائما

    1. الأخ ياسر كلماتك تعكس رؤيتك للتغيرات في المواقف الغربية وحقوق الإنسان، وربطتها بالهدنة مع إسرائيل، وهذا التغيير في المواقف الغربية يعطي إسرائيل فرصة لحفظ ماء وجهها والاستمرار في الاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها وتهجير السكان الفلسطينيين.
      هذا الرأي رأي متداول بالفعل أخي الكريم، ولكن هناك وجهات نظر متعددة أخرى حول هذا الموضوع، أسال الله العلي العظيم أن يجد السياسيون حلولا مشتركة يكون لها تأثير إيجابي في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
      تحياتي

    1. عزيزي الدكتور عبد القدوس..
      لقد ألهمت العديد من الأشخاص وتركت بصمتك الخاصة في قلوبهم وعقولهم، أنت مصدر إلهام للجميع، وأنا محظوظ بوجودك في حياتي.
      تحياتي

  3. مقال قيّم فيه توضيح للمعاناة التى يعاني منها الشعب الفلسطيني خاصة و غالبية الشعوب الإسلامية المستضعفة و يوضح العوار للقوانين المنظمة لهيئة الأمم المتحدة و مجلس الامن و تجاهل الدول العظمى لحقوق تلك الشعوب ، تمنياتي لك بالتوفيق اخي محمد .

    1. شكرا لمشاعرك التي تنطوي عليها كلماتك الراقية، وتسليطك الضوء على المعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب الإسلامية المستضعفة.
      من الضروري يا سيدي أن نسلط الضوء على العديد من القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني، وبخاصة القضايا المتعلقة بالقوانين المنظمة لهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي يجب أن يكون فيه على الأقل دولة عربية واحدة لنواجه التحديات المستقبلية في ظل تجاهل الدول العظمى لحقوق الشعب الفلسطيني ولحقوق جميع شعوب الدول العربية.
      الحاجة ملحة كما ترى لتوعية العالم بشأن قضايانا العربية المعقدة، ولتحقيق ذلك يجب علينا جميعا أن نسعى لإحداث تغيير فعلي من خلال الحوار والتفاهم المشترك، وبناء جسور التواصل والتفاهم بين الثقافات والشعوب المختلفة، وتعزز الحوار البناء الذي يتيح للجميع فرصة التعبير عن آرائهم ومخاوفهم.
      تحياتي

    1. أنا سعيد جدا يا صديقي لأنك هنا وتقدر هذه الكلمات التي نكتبها، يهمني أن تشعر بالرضا والسعادة بالنسبة للجهود التي نبذلها هنا، فأنت من يلهمنا للمضي قدما وتقديم أفضل ما لدينا.
      شكرا لك مرة أخرى، ونتمنى لك يوما رائعا.
      تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى