كُتاب الرأي

(اعدامات حماس في غزه )

(اعدامات حماس في غزه )

محمد سعد الربيعي 

          مالبثت أن خرجت  القوات الاسرائيلية من بعض خطوط التماس التي رسمتها خطة ترامب لإيقاف الحرب في قطاع غزه والتي في بعض نقاطها لاتتجاوز مئات الامتار حتى إندلعت اشتباكات إختلقتها حماس مع بعض الأسر الغزاوية التي وقفت في وجه التغول الحماسي أثناء الحرب التي دارت هناك منذ اكتوبر 2023 م بينها وبين القوات الاسرائيلية والتي دمرت كل شيء في غزه .
      في كل الأعراف العالمية والدولية تُعد الخيانة في الحروب من أخطر العوامل الرئيسية التي قد تجهض الأطراف المتحاربة وتكسب الحرب لطرف دون طرف وعقوبتها هي الاعدام ، وخاصة في الحروب التي تدور رحاها  بين اطراف دولية او للدفاع عن الاوطان بين طرفين متناحرين أو خلافها ، ويكون العقاب لمن يتعاون مع أي طرف وتزويده بمعلومات استخبارية مهمة قد تؤثر على الطرف الآخر ، أو أن يكون أداة للعدو وينفذ مخططات داخل دولته لصالح العدو الذي تحاربه تلك الدولة سواء كان للدفاع عنها ، أو عدم خسارتها لبعض المكتسبات الدولية التي تنشأ من أجلها تلك الحروب ، أقول يكون عقوبته الإعدام في كل ساحات القتال التي توظف ذلك الطابور الخامس في ايقاع الهزيمة لبلدانها .
     من الطبيعي لاسرائيل وغيرها أن تقوم بمثل هذه الاعمال الاستخبارية في توظيف عناصر وطنية من البلدان التي تستهدفها للحصول كما أشرت على معلومات استخبارية بالتجسس أو خلافه ،أو تُنفذ  عمليات ارهابية تؤثر في الدولة المستهدفة ، وتربك خططها في مواجهة العدو ، وقد تستعين أيضاً المخابرات الدولية ببعض العناصر الأجنبية التي قد تتواجد في الدول المستهدفة أو يُعد تعاون مشترك بين دولة وأخرى لإستهدافات دولية مشتركة ، وهذه ثمثل خطورة قصوى خاصة في حالة توظيف مثل هذه العناصر الأجنبية المتمكنة من دول قد تكون بعيدة عن أصابع الاتهام وتنشط فيها تحت هذا العمل التجسسي ، وهو نشاط استخباري تجسسي خطير تلجأ له أغلب مخابرات العالم للحاجة لبعض المعلومات سواء كان ذلك عن الدولة ، او قياداتها أو بعض المستهدفين على اراضيها ، أو لحفظها في إرشيفات تلك الدول للعودة لها وقت الإقتضاء ، واسرائيل تنجح في ذلك بإمتياز ، ولديها من القدرات البشرية والآلية مما يمكنها الوصول لأهدافها سواء كانت استخبارية أو قتالية هجومية أو ضد شخصيات اعتباريةٍ مهمة  كما حدث مؤخراً في ايران ، وفي العديد من الدول العربية على مر صراعها مع العالم العربي .
      الشاهد من حماس وإعداماتها الاخيرة في الفترة التي لم تتجاوز سويعات من خروج القوات الاسرائيلية من بعض أحياء غزه يدل دلالة واضحة أن هذه الحركة هي حركة إرهابية تتوشح بالدم الفلسطيني ، ولا غرابة في ذلك فقد سبق لها أن نفذت إعدامات لجنود السلطة في غزه ، وقامت بإعدامهم بالرمي من سطوح المباني المرتفعة هناك  ، والتي كان النكال فيها هو تدمير تلك المباني من اسرائيل .
     كان على حركة حماس الانتظار وهي بيدها القدرة على ذلك ، وإنتظار انتهاء خطة ترامب ، وإعادة الهدوء لقطاع غزه ، والتريث في ملاحقة من خرجوا لمواجهة عناصر حماس أثناء الحرب ، وخاصة وحماس تعلم ماكانت تقوم بها عناصرها ضد أهالي غزه من حيث سرقة المعونات والسيطرة عليها ومنع الغزاويين من الحصول عليها ، وكذلك تهشيم أيادي كل من كان يعترض أو يرفع يده على تصرفات عناصر حماس المندسة بين مواطني غزه ، بل وصل الحد بهم لضربهم أمام أعين الناس وفي الشوارع حتى قتلهم ، والأسباب كانت بسيطة البعض من تعرض لذلك كان فقط لإنتقاده الحركة وطريقتها في التعامل مع المكلومين من الحرب التي دمرت حماس كل شيء كانو يملكونه فيها .
      إن كان سبب هذه الإعدامات الأخيرة هو ادعاء حمساوي لتعامل تلك العناصر مع اسرائيل ، والتخابر معها فهذه تحتاج لدلائل وإثباتات ، وكذلك اعتراف تلك الشخصيات المعدمة بذلك التعاون ، وهي        كتحليل أولي قد تنشأ علاقة مع عناصر العدو في كل الحروب بينها وبين مواطني تلك الدولة لإعتبارات كثيرة وهي لاتصل لحد التخابر ، وربما هي لطلب الحماية أو عدم التعدي عليهم من قوات العدو ، شريطة في بعض الاحيان عدم التدخل في الحرب او مواجهة العدو وهذه أسباب مشروعة ، وخاصة في ظل المواجهة مع عدو لايفرق بين صغير وكبير ورجل وإمرأة والكل لديه مستهدف ، وهنا قد لاتدخل العمالة لهذه العناصر التي نفذت حماس الاعدام ضدها .
      ماحدث في 7 من اكتوبر هو أكبر عملية تخابر وعمالة حدثت في التاريخ الحديث بين حركة حماس وطهران وبين حماس والمخابرات الاسرائيلية التي إستطاعت أن تنفذ لجسم حماس وتوظف القياديين فيها وتستخدمهم كحصان طروادة في تحقيق هجوم طوفان الاقصى وهذا ما اعترف به الكثير من المسئولين الفلسطينيين وغيرهم من متابعي أوضاع فلسطين والسلطة وحماس ، حيث أجمع الكل لوجود تخابر وعمالة من حماس مع اسرائيل وحتى من الإسرائيليين أنفسهم ، ناهيك عن علاقة حماس بإيران وذيلها في لبنان زميره وغيره من القيادات الهالكة للحزب .
       إذاً كيف تقوم حماس بمداهمة ومطاردة بعض مواطني غزه ، وبالذات من بعض الأسر التي تعرف حماس أنها ضدها وضد توجهها في التعامل مع الفلسطينيين بشكل عام   ، وهي في الغالب تصفية حسابات لحركة حماس ، وتركيع أهل غزه لحكمها الجائر ، ولعل مايحدث الان في غزه هو مكان إرتياح للعدو الاسرائيلي الذي ترك الحبل على الغارب لحماس  والاعتقاد أن الوضع سيستمر على هذه التصفيات حيث ستترك اسرائيل سلاح حماس الخفيف معها لتنفيذ هذا المخطط الخبيث من حماس العميلة لاسرائيل وايران لإضعاف وتفتيت الوضع في غزه .
     ولعلي هنا أختم المقال بضحكات خليل الحية وفريقه الحمساوي وتهليله وترحيبه بالوفد الاسرائيلي في شرم الشيخ ، وكأن شيء لم يحدث لأهل غزه وغزه نفسها من اسرائيل ، وكأن لسان حاله يقول فلننسى مامضى ، ونعود لنبني علاقة وعمالة جديدة ضد غزه والقضية الفلسطينية التي أجهضتها حماس وايران عندما كانت اسرائيل على مشارف الاعتراف بها ، والحقيقة المؤلمة أن كل القيادات الفلسطينية أو أغلبها من حركة فتح ، وحماس والجهاد ، وكل المنظمات الفلسطينية الثورية والشيوعية وعلى مختلف قياداتهم ومشاربهم لازالوا يتاجرون بالقضية الفلسطينية ويتربحون منها ، وهم في الغالب لايريدون حل قضيتهم ، بل التوسل والتكسب من العالم لتضخيم أرصدتهم وكروشهم في الفنادق ذات السبعة نجوم .

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى