كُتاب الرأي

يكتب الآن…

 

يكتب الآن…
اقرأها بشغف حتى النهاية ، وتأمل كلماتها جيدًا وسترى أنك تعيش وسط هذه المنظومة.
عبارة يكتب الآن…
كم من المرات نرى هذه الجملة القصيرة!! تحتضن العديد من المعاني ، يترتب عليها السعادة والحزن ، لها مضامين كثيرة ، وفيها عبر وعظات ، كم من المرات أبكت قارئيها ، وكم من الأوقات أضحكت أفواههم ، وكم من الكرّات ابتسمت الثغور بسببها.
نعم هي جملة قصيرة لكن وقعها مختلف تمامًا. قطعًا هي بيان لما في النفوس ، وغرس ينبت من أقصى إحساس يمكن أن يمتلكه الشخص.
لا أقول هذا عبثًا ، ولا تسلية ، ولا بلاهة ، بل واقع علمي عند علماء النفس في نظريات السيكولوجية النفسية.
جملة يكتب الآن… قصيرة للغاية ، لا تتجاوز تفاصيلها بضعة أحرف، بينما أثرها يمتد ليشمل جميع الحروف وهنا موطن المخاطرة.
إذن تعد سلاح ذو حدين إما تفرحك ، وتدخل السعادة إلى قلبك ، ويحفك بعدها الانشراح ، وإما أن تحزنك فتقلب حياتك رأسًا على عقب.
البعض نراه حين نراه يكتب رسالة تظهر أمامنا ( يكتب الآن…) عندها تبدأ درجات الفضول في الظهور على القارئ ، انتظار ، صمت ، ترقب ، لهفة ، خوف ، توجس كلها إثارة إدراكية يرسلها العقل إلى الحواس ، ترتجف على إثر ذلك الترقب الأيدي ، ثم القلب ، ثم يشخص البصر ، وربما يضيق مستوى التنفس في الرئة وفي مجرى الدم فتتعقد معه الأنفاس ، وتزيد درجة الارتباك غير المعلن ، وربما يصل البعض إلى تيبس في الحلق فلا يستطيع ابتلاع ريقه ، خاصة إذا ما كان المرسل غاليًا ، أو صديقًا ، أو حبيبا أو زميل عمل له مكانة رفيعة في النفس.
هذا المستوى السيكولوجي من الانتباه يحدث عندما يدرك العقل أنّ هناك أمرُ سيأتي ربما يؤثر على مستوى الاتزان النفسي بعد قراءة الرسالة المرسلة، إما إيجابًا أو سلبًا.
بالطبع هذه حالة شعورية يمر بها كل شخص يرى صديقه أو صاحبه يكتب عبارة ( يكتب الآن…) يعيش اللحظة لثواني معدودات يمكن أن يترتب عليها الإجابة أو الرفض، بالتالي تعتبر حالة شعورية حادة يعيش تحت وقعها الإنسان ، تجعله يعيش في ترقب مستمر لوصول الضيف الثقيل.
يكتب الآن… عبارة تفرق بسببها الأحبة، فكم من الصلات تقطعت، وكم من العلاقات تمزقت ، وكم من الغرباء أصبح صديقًا وكم من الأصدقاء أصبح غريبًا بعدها.
ختامًا/ أضيئوا الأرواح بطيب الكلام حين ترسلون لبعضكم البعض ؛ فالكلمة الرقيقة تنتشلك من سراديب الحزن تتلقاها وكأنها رائحة عطر فيّاح.
حين تكتب تعلم أن ترد بشيء لطيف ، واجعل الكلمة تثمر ثمرًا نافعًا ، وتعلم أيضا كيف تخرج النفوس من غياهيب الألم المتراكم على كاهل الآخرين ، فأنت لا تعلم عمق الجراح الغائرة التي تستكين في النفوس بفعل منغصات الحياة.
أخيرًا/ عليك أن تدرك أن الكلام الطيب لا يكلف جهدًا ولا مالاً بل هو صدقة جارية عنك ، وعن تربيتك وأخلاقك، فالجميل دائمًا يمد طوق النجاة للغارقين في بحور البؤس ، والألم.
آخرًا/ جميل القلب دائمًا يدفعنا إلى الأمام ، فلنمضِ لمعالجة مشاعر بعضنا البعض ، دعونا نربت على أكتاف بعضنا ، ولنحرص عند الكتابة، وقبل الضغط على المكان المخصص للإرسال ، أن تكون الكلمة والعبارة المرسلة دواء للقلوب المكسورة ،وجبرًا لكل خيبة تلقتها النفس.
عالجوا القلوب المتصدعة حين تكتبون لبعضكم البعض أقول عالجوها بالكلام الطيب ، حتى يتحقق التوازن الداخلي ، ويطهر الأكباد الهشة المثخنة بالوجع ، والألم ليساعدها على الاستمرار ومصارعة الحياة.
انتهى

علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

‫8 تعليقات

  1. الكلمة الطيبة مفتاح القلوب.. دواء وبلسم وشفاء وجبر… رائع الأحرف.. إنتقائي المواضيع.. عظيم المعاني…. جميييل الموضوع احتوى إنسانية ومشاعرية… ابدعت أستاذ علي👌

  2. ما أجمل إنتقاءك للمحتوى والمضمون ، تلفت انتباهي مقالاتك أ . علي فأنت تختار أهم المواضيع التي لم تستهلك كثيرا في النقاش وتسلط عليها الضوء ..

    عنوان المقال ( يكتب الآن …)
    جاذب جدا للإنتباه👍

    نعم أؤيد ماذكرته في المقال :
    ولنحرص عند الكتابة، وقبل الضغط على المكان المخصص للإرسال ، أن تكون الكلمة والعبارة المرسلة دواء للقلوب المكسورة ،وجبرًا لكل خيبة تلقتها النفس.
    👏👏👏👏👏
    لافض فوك💐

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى