من بطون المآسي يولد الأمل

أبو حماد ناصر الأنصاري المليباري
من بطون المآسي يولد الأمل
جاء في القرآن الكريم ما يؤكد أن قدرة الله تعالى لا يحدّها زمان ولا مكان، وأن المستحيل في أعين الناس ممكنٌ عند الله عز وجل. فقد أنجبت العذراء، وتكلم الرضيع، وحملت العجوز، وأنجبت العاقر، وانشقّ القمر، واستيقظ النائمون بعد سنين طوال، وغلبت القلة الكثرة. مشاهد ليست خيالات ولا أساطير، بل حقائق خالدة سطّرها الله في كتابه العزيز لتكون دلائلَ قاطعة على أن الأمر كله بيده، سبحانه:
﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾
فلا يُردّ الدعاء، ولا يُستبعَد الرجاء، فالله على كل شيء قدير.
لا شك أن دعاء أهل فلسطين مرصود عند الله، لا يغيب، ولا يُنسى، فدعوة المظلوم تصعد إلى السماء كشرارة لا تخبو، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة” (رواه الحاكم).
وقال الله تعالى في الحديث القدسي:”وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين” (رواه الترمذي).
وفي غزة، يُظلَم شعب بأكمله، يُقصف ليلَ نهار، يُمنع عنه الغذاء والدواء، فكيف لا يُستجاب لهم؟!وكيف لا تكون دعوتنا لهم جسراً من نورٍ يعبر السماء إلى من لا يعجزه شيء؟
لم تعد غزة مجرد بقعة جغرافية محاصَرة، بل صارت رمزاً خالداً للعزة والصمود، في كل شهيدٍ يولد ألف مقاوم، وفي كل بيتٍ يُهدم تُبنى عزيمة جديدة، وفي كل جرحٍ تُكتب آية من آيات الثبات والصبر.
ومن مسؤوليتنا الدعاء والدعم، لسنا في ساحات القتال، ولا نحمل السلاح، لكننا نحمل قلوباً مؤمنة، وألسنة لا تكلّ من الدعاء. فليكن دعاؤنا صادقاً، نابعاً من قلبٍ متألمٍ يحبّ إخوانه، ويرجو نصر الله لهم. فلنُكثر من بكاء الليل، من كلماتٍ خاشعة تخرج من بين دموع الأمل.
مهما اشتدّ الظلام، فلا بد للفجر أن ينبثق، ومهما طال الليل، فلا بد للشمس أن تشرق، لأن وعد الله حقّ، ونصره للمؤمنين وعد لا يتخلف:﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فالنصر آتٍ لا محالة، والرجاء بالله لا ينقطع.
يا من تقرؤون هذه الكلمات، اجعلوا لأهل غزة في دعائكم نصيبًا كل يوم، فإن الله إذا أراد أمرًا، هيّأ له أسبابه، وإن من أعظم الأسباب: دعوة صادقة من قلب محبّ. فكيف نيأسُ واللهُ العظيمُ لنا؟
وكما قال الشاعر:
ستمطرُ الأرضُ يوماً رغم شُحّتِها
ومن بطونِ المآسي يُولدُ الأملُ
كاتب رأي – الهند