(العزلة الاختيارية)

(العزلة الاختيارية)
………
مؤنسةٌ للنفس ، مريحة ٌ للأعصاب جالبة الهدوء للروح ، وتصل بالفكر للتنوير والإبداع ؛هذه هي العزلة الإجتماعية الإختيارية التي يحتاجها الفرد من حين لآخر في حياتهِ..
ويحتاج الفرد لثلاث أشياء كي ينجح في فتح باب العزلة: (إقتناع ، جُرأة ، قرار )قال تعالى في سورة مريم (قَال رَبّ اجعَل لِي آيَةًۚ قَال آيَتَُك َأَلّا تُكَلِّمَ الَنّاس ثَلَاث لَيَالٍ سويّا) آية(١٠)..
الرغبة في تجنب الشعور بالازعاج ؛ الناتج عن التواجد مع الناس بكثرة وباستمرار ،بحيث يشكل التواجد الاجتماعي ضرراً على الفرد ، و يفضل حينها أن يكون منعزلا ًباختيارهِ ، لا قسرا ً..
وهنا يجب التفرقة بين العزلة والوحدة ، فالوحدة نتاج عوامل نفسية واجتماعية وماديةومرضيّة ؛ تجعل الفرد يتجنب الناس عمداً..
بينما العزلة يختارها الفرد ليهرب من مجتمعهِ ، وينأى بنفسه طلباً للراحة والهدوء ،بحثاً عن التأمل والاعتكاف مع الذات ، متحرراً من الواجبات الاجتماعية فترة من الزمن..
رغبة في ترتيب أولوياته والالتفات إلى اهتماماته ، متحرراً بفكره ِ بعيداً عن أقرب الناس إليه ؛ ليستطيع العودة بكامل نشاطه وحيويته للمجتمع..
وهنا أشير إلى أن المنعزليين ليس شرطاً من يفتقروا لمهارة التواصل مع البشر فينعزلوا؛ بل على العكس هم أفراد لديهم المهارات الكافية للتعامل مع البشر ولكن لديهمدرجة الإحساس عالية جداً ؛ تصل بهم للتعب والإرهاق النفسي أثناء التعامل مع الناس ،هم ببساطة أفراد مرهفين وكثيراً منهم مبدعين ، يجنحون للعزلة لصفاء أذهانهموسمو أرواحهم والرقي بافكارهم ..
فترات العزلة عامل مساعد ومفيد ، يجعل الفرد أكثر استعداداً لمخالطة المجتمع مرةأخرى فالغياب العرضي الاختياري من وقت لآخر للترتيب ولهدوء النفس وللارتقاءبالروح ؛ يساعد في نهاية الأمر على التركيز على المدى البعيد..
هناك خطر على الأفراد الذين لم يمارسوا العزلة على الإطلاق نجدهم أكثر تشتتاً ، وفوضى في حياتهم ، وأكثر عصبية أثناء ممارسة حياتهم العادية ، وأكثر صداماً مع بقيةالبشر ؛ فقد شكلت الضغوطات الاجتماعية على أنفسهم عبئاً ، وهم لا يشعرون ولايدركون ذلك ..
وكأنهم بحاجة للتنبيه من شخص آخر ؛ ليفتح لهم الضوء الأخضر و يقول لهم أنهمبحاجة لعزلة ولو لوقت قصير ؛ لترتيب الفوضى التي تعصف بهم ..
يقول العالم توماس أديسون: “أفضل التفكير يكون في العزلة أسوءه ُ ما يكون فيالزحام”..
ويقول الكاتب وديع سعادة : “كأن الاحتفاء بالذات لا يتُم إلا بالعزلة وكأن الاحتفاءبالحياة لا يكون إلا بالصمت”..
ومن الصعب أن تكون مسترخياً بشكل كامل ، و مدركاً لذاتك ومتأملا ًفي حياتك ، دون ممارسة العزلة الإجتماعية من وقت لآخر..
فرفقا ًبأنفسكم من حين لآخر..
……