كُتاب الرأي

نهج السعادة .. احتياجات ( الجانب الاجتماعي ) ٣

الاحتياجات الأساسية للجانب الاجتماعي ذكرها ديننا الإسلامي كأساس للعدالة الاجتماعية ، وتحقيقه واجب للفرد ، تشمل المتطلبات التالية:
 (الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل)..
تحدثنا في مقالات سابقة عن الحاجات الأساسية الاجتماعية للفرد وهي(الانتماء-التواصل والتفاعل-الحب والعاطفة- التقدير والاحترام) نُكمل في هذا المقال بقيّة الاحتياجات الاجتماعية الأساسية للفرد وهي:
5.التعاون والمشاركة:
مُنطلقنا في هذه الحاجة من كتاب الله سبحانه وتعالى ،قال تعالى:”وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” سورة المائدة اية(٢).
حرص الله سبحانه وتعالى أن يكون عمل الفرد داخل المجتمع قائم على التعاون والعمل المشترك على الخير والبر والصلاح فيما بينهم ولمصلحة الكل داخل المجتمع المتماسك..
 ويقول سبحانه وتعالى في سورة العصر: “وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ “.
فالرابحون هم أهل الإيمان الصَّادق، والعمل الصَّالح ، والتواصي والتَّناصح بالحقِّ والصَّبر عليه ، وهم المتعاونون على البرِّ والتَّقوى ، ويقول جلَّ وعلا: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” [آل عمران:103].
من هُنا نتيقن أن الفرد لا يستطيع تحمل الحياة الاجتماعية بمفرده ويحتاج أن يُشاركها مع غيره في الأمور المعنوية قبل المادية ، لتصبح الحياة ذات قيمة وطعم عند الفرد..
المشاركة في الأنشطة الجماعية والعمل ضمن فريق يمنح الشعور بالقيمة والإنتاجية ويمنح السعادة الداخلية للفرد ، سواء كانت هذه المشاركات داخل المنزل في إدارة المنزل وتوزيع المهام الوظيفية بين أفراد الأسرة الواحدة أو في الخارج بدءً من الصلاة في جماعة متشاركة في المسجد ، مروراً بالدراسة والعمل من خلال فريق واحد للوصول لنتائج مرضية تشعر الفرد بقيمته داخل العمل المشترك الواحد..
6.الأمان الاجتماعي:
يحتاج الفرد للإحساس بالأمان والاستقرار في البيئة الاجتماعية الداخلية في الأسرة والخارجية في العمل والمجتمع..
داخل الأسرة يحتاج الحماية والامان العاطفي قبل الأمان المادي ، فإذا نشأ الفرد داخل أسرة تكفل حقوقه الأساسية من تغذية ورعاية صحية وتعليمية ونفسية ، ينشأ هذا الفرد مُحاط بالأمان الداخلي ويستطيع أن يواجه العالم الخارجي وهو مُحصّن وعلى استعداد كامل لكل ما سيصادفه في المجتمع الخارجي (المدرسة، العمل) من التمييز والتفرقة والعنصرية أو العنف والرُهاب الاجتماعي والتنافس الشريف وغير الشريف ، مجابهة الصعاب ومشاكل الحياة..
إذا سلّحت الأسرة أفرادها بالأمان الداخلي استطاعت أن تُحارب بهم المجتمع الخارجي مع كفالة الشعور بالسعادة والرضا والسلام الداخلي والخارجي للفرد ورضاه التام عن نفسه داخل المجتمع وشعوره بالامان المُطلق..
7.التقدير الذاتي من خلال المجتمع:
كيف يكون الفرد فعّال داخل المجتمع..؟
 أخلاص النيّة لله تعالى في جميع الأعمال والأفعالِ ليبارك لك الله فيها ويُطعمك مذاقها الجميل.
كُن مبادراً وغيّر الظروف لتتناسب مع أهدافك ، ولا تكن من الأشخاص الذين تحرّكهم الظروف وتتحكّم في قدراتهم.
حافظ على نظافة المجتمع الذي تعيش فيه ، واحمه من الملوّثات الجوية والمائية وغيرها..
إدراك الشخص لقيمته في محيطه الأسري وإنه شخص فعّال وكذلك في محيطه الاجتماعي مع الأصدقاء ، ومن خلال العمل وتحقيق الإنجازات أو المساهمة في تحسين حياة الآخرين ، يُشعر الفرد بقيمته ويُدرك مدى أثره الفعّال في حياته وحياة الآخرين ، كل ذلك تملئ الفرد رضا وسعادة وبهجة..
8.الدعم وقت الأزمات:
يحتاج الفرد من يسانده ويدعمه وقت الأزمات (الصحيّة، المالية، الإجتماعية، النفسية)..
عن ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ” أخرجه البخاري..
وجود الأسرة والأصدقاء الحقيقين عند الأزمات التي يمر بها الفرد والحاجة الماسة إلى وجود شبكة اجتماعية تقدم الدعم والمساندة عند مواجهة صعوبات أو تحديات الحياة ، كل ذلك يكفل الراحة والسعادة ويبث الطمأنينة في نفس الفرد ويشعره بقيمته داخل المجتمع..
كل هذه الاحتياجات الاجتماعية من (الانتماء-التواصل والتفاعل-الحب والعاطفة- التقدير والاحترام-التعاون والمشاركة – الامان الاجتماعي-التقدير الذاتي من خلال المجتمع-الدعم وقت الأزمات) تساهم بشكل كبير في تحقيق السعادة والرضا والتوازن في حياة الإنسان ، وأي نقص فيها قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية واجتماعية..
الكاتبة / أحلام أحمد بكري

أحلام أحمد بكري

كاتبة رأي وقاصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى