هدية لم تهدى…
عندما أقترب عيد ميلاده، اتفق مع رفاقه على إقامة حفل يدعو فيه كافة زملائه في الجامعة. المعلن كان حفلة، أما غايته حضور ضيفة الشرف، الفتاة ذات الشعر الكستنائي، والتي يكن لها أصدق المشاعر المحبوسة في داخله دون البوح بها والاعتراف بصورة مباشرة.
قاموا بإعداد وتحضير كافة متطلبات الحفل. مزقت صفحات التقويم واحدة تلو الأخرى لحين ظهور الصفحة المنشودة بشغف. إنه يوم عيد ميلاده. في النهار استعد الجميع، وعند المساء بدأ يتوافد الحضور من زملاء الجامعة والرفاق إلى الحفل. وهناك حضرت ذات الشعر الكستنائي مع رفيقاتها.
هنا تجمد بصره باتجاه نقطة معينة. إطلالتها المميزة وما ترتديه كأنها أميرة من كتب الخيال، وشعرها الكستنائي الذي يداعبه الهواء لطيب عطره ونعومة ملمسه. قدموا التهاني وبدأ الحفل بالموسيقى وأجواء الفرح والمسرات وتبادل الحديث المشوق والبهجة.
وبالطبع لا يخلو حفل عيد الميلاد من مشهد إطفاء الشموع، وتمني الأمنيات، وتقطيع الكعكة، وشرب العصائر، لحين وصول لحظة توزيع الهدايا. واحد تلو الآخر تواتر الجميع على تقديم الهدايا المختلفة، منها الثمين ومنها البسيط، لكنها كانت منتقاة بعناية، لأنه كان ذو شخصية محبوبة لدى أصدقائه.
لكن في داخله، هو لم يهتم لأي هدية ولم ينظر في داخل أي منها. كان اهتمامه منصبًا على ما سوف تقدمه ذات الشعر الكستنائي. انتظر وصول دورها، أو بالأحرى أن تقف ضمن طابور من يقدمون الهدايا، لكنه انتظر كثيرًا دون جدوى. فهي لم تكن تنوي فعل ذلك، وأساسًا لم تكن مهتمة.
انتابه الحزن، لكنه احتفظ بذلك لنفسه. ومن لاحظ ذلك رفاقه المقربون وأخبروه أن من حضر أغلبهم لتمضية وقت جميل وسهرة ممتعة. وهنا علم أنها لا تكن له أي مشاعر. كان متأكدًا، ولكنه تمنى عكس ذلك.
بعد انتهاء الحفل وذهاب المدعوين، ذهب إلى غرفة نومه، فتح درج مكتبه وأخرج هدية مغلفة مرفقة ببطاقة تهنئة مكتوب بداخلها: اليوم عيد ميلاد حبيبي. بتوقيع ذات الشعر الكستنائي.
أخذ يتلقف الهدية ويضعها في مكان مخصص بعيدًا عن باقي الهدايا ويتهيأ لفتحها. إنه كان يعيش دور العاشق، حيث إنها هدية رمزية قام بإعدادها لنفسه لكي لا يشعر بالخذلان وخيبة الأمل ولا ينكسر فؤاده في أجمل يوم في السنة. لذا، قام بتحقيق رغبته بوجود تلك الهدية المفضلة مع باقي هدايا عيد الميلاد، ولكن الفرق أنها كانت هدية لم تهدى.
الكاتب/ علي الشمري
