كُتاب الرأي

إكرامُ النِّعمةِ أو الرَّحيلُ

سويعد الصبحي

إكرامُ النِّعمةِ أو الرَّحيلُ
النِّعمةُ جَمالٌ يُحي  وجَلالٌ يُفيض وهِبةٌ من وهّابِ الغيوب لا تُحصى ولا تُحدّ يُنعم بها الرَّبُّ على من يشاء من غير حولٍ ولا سبب.
فكم مِن نِعمةٍ سكنت الجوارح ونعمةٍ حَفّت الأرواح لا تُرى بالعين ولكن تُشعَر في الحنين
فهل سألنا أنفسنا:
هل نحن من المُكرِمين؟
أم من الغافلين؟
إكرامُ النِّعمةِ ليس حروفًا تُقال بل أفعالٌ تُنال هو أن تَحمد الله حين تُعطى وتَصبر حين تُبتلى فتُحسن الظن وتُحسن العمل.
هو أن لا تُبدد الطعام في الولائم ولا تُهدر الأوقات في الغفلات بل تُعطي كلَّ شيءٍ قدره وتُعلي من شأنِ خَيره.
ومن أعظم صور إكرام النِّعم: الحفاظ على نعمةِ الأمن في الوطن فذلك فضلٌ عظيم وخيرٌ جسيم قلّ من يُقدّره حقَّ قدْره.
فحين نعيش في وطنٍ آمن ننعمُ بخيراته ونحتمي بجدرانه فواجبُنا أن نحميه بوعينا ونصونه بوحدتنا ونردَّ عنه كيدَ العابثين وسهامَ المغرضين.
إن حفظَ أمنِ الوطنِ عبادة وإنَّ زعزعتَه خيانة فليكن إكرامُ هذه النعمةِ صادقًا لا شعارًا يُرفَع بل سلوكًا يُتبَع.
إذا لم تُكرَمِ النعمة فإنها ترحل وإذا لم تُشكر فإنها تذبل فالنعمةُ تَحبُّ الشاكرين  وتَجفُو الكافرين.
وقد قال ربُّنا في كتابه: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
فما بين الشكرِ والإنكارِ مسافةُ نجاةٍ وهلاك وبَونٌ بين دوامٍ وزوال.
فكم من صاحبِ مالٍ أهمله فافتقر وصاحبِ صحةٍ أضاعها فمرض وصاحبِ وقتٍ بدَّده فندم؟
الجحودُ ليس فقط قَولًا بل أيضًا فِعلًا، وإن الجَفاء للنعمةِ هو أولُ أسبابِ الفقدان.
في زمانٍ كثُرت فيه الملهيات وتراكمت فيه المُغريات بات إكرامُ النعمةِ نادرًا والجحودُ سائداً.
نُسرفُ في المأكل والمشرب ونهدرُ الماء والكهرباء ونضيّعُ الأوقاتِ فيما لا يُغني ولا يُثمر.
فهل نُدرك خطورةَ هذا المسلك؟
إكرامُ النعمةِ يبدأ من لحظةِ وعي ومن تصرّفٍ صغير:
• أن تُشارك ما فَضُل مع الجائع
• أن تُحسِن استخدامَ ما وُهبْت
• أن تُعمِّرَ وقتَك لا أن تُدمِّره
• وأن تحفظ أمنَ وطنك كما تحفظُ مالَك وتغار عليه كما تغار على أهلك.
كلُّ نعمةٍ لها حق وحقُّها أن تُستَعملَ في الخير وأن تُصان من الشرّ.
إكرامُ النعمةِ ليس مسألةَ ترفٍ بل مبدأُ حياة به تَسعد النفوس وتُبارك الأرزاق ويَسكن الرضا القلوب.
وإهمالُها طريقٌ للرَّحيل إمّا رحيلُ نعمةٍ أو رحيلُ طُمأنينة.
فيا من تُنعمون لا تُقصِّروا ويا من تُعطَون لا تُضيّعوا.
فلنكن من الشاكرين لا من الجاحدين ولنتذكّر دومًا أن النِّعمةَ إن لم تُكرَم… رَحلت وإن لم تُشكر… زالت.
فاشكروا نِعمَ الله قبل أن تُسألوا عنها وأكرموها قبل أن تُحرَموا منها.

كاتب رأي وإعلامي

سويعد محمد موسى الصبحي

كاتب رأي وإعلامي رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى