كُتاب الرأي
على جانب الطريق فوضى وإثارة

على جانب الطريق فوضى وإثارة
في الوقت الذي تسعى فيه الدبلوماسية السعودية مع أطراف متنوعة خليجية ودولية لمعالجة الدمار السياسي والاقتصادي والصحي والتعليمي ، والاجتماعي ، والعسكري الذي خلفته إيران مع حليفها الهارب إلى روسيا وقتلها مليون مواطن سوري وتهجير أربعة عشر مليونًا وغرق آلاف الأشخاص في البحار والمحيطات والتمثيل بالأطفال والشيوخ وارتكاب ملايين الاغتصابات بحق النساء والسجناء ، وبعد كل ما جرى من إبعاد وقمع وتشريد وتجويع وإهلاك لشعب بأكمله أقول في الوقت الذي ينتظر أن يصحو فيه ضمير العالم لدعم الجهود التي تبذلها السعودية بالتعاون مع أصدقاء سوريا لانتشال ذلك الشعب المغلوب على أمره من براثن التنظيمات العابثة التي أنشأتها إيران وزرعت خلاياها في جسد سوريا العروبة والقيام بمحاسبة المتسببين في هذه الكارثة الإنسانية التي لم يعرف لها التاريخ مثيلاً.
ومع ذلك نجد البعض يستميت في فتح المجال لإيران للتقافز مرة أخرى والانتقال بكل حرية للعبث في مكان آخر وهذه المرة تحركت البوصلة نحو جمهورية مصر العربية لتنفث سمومها مجددًا وتنسج خيوطها ومكائدها رغبة في زراعة الفوضى ثانيةً في ساحة من أهم الساحات الإقليمية والدولية التي يفترض أن تكون جدار حماية للدفاع عن شعبها ومقدراتها ومكانتها التاريخية والدينية والعلمية والعسكرية.
إنّ التقارب السياسي بين القيادتين المصرية والإيرانية هذه الأيام نعتقد أنه ليس من الصالح العام في شيء بعد أن أثبتت الوقائع السابقة ضلوع إيران في كل القضايا التي جثمت على شعوب المنطقة وسرقت منهم الأمن والأمان والاستقرار والمقدرات واختطفت الأفكار ودمرت دولاً وسببت الفوضى والخراب، وزادت الصرعات وأحدثت الانقسامات بين المكونات الداخلية للبلدان التي عاثت فيها فسادًا، نستغرب أن يحصل هذا من القيادة المصرية وهي القيادة المطلعة على الشؤون الدولية والإقليمية والمحلية وتعلم ما تسببت به إيران من خراب ودمار في العالم أجمع.
نعم كل ذلك تسببت فيه هذه الجمهورية التي تدعي إسلامها ودفاعها عن قضايا المسلمين والإسلام بريء منها ومن قادتها، ونحن اليوم على أعتاب فوضى جديدة بطلها إيران وضحيتها الشعب المصري الأبي مما ينبئ بممارسات ليست جيدة قد تحدث على المدى البعيد كما حصل في العراق واليمن ولبنان وسوريا وآخرها ما حصل على أهل غزة الصامدين في أكتوبر قبل الماضي.
نحن نتكلم من منطلقات وطنية ودينية محضة ومشتركات أصيلة في الدين واللغة والمصير وروابط اجتماعية صلبة لا سبيل فيها للمناكفات والمزايدات ، ننطلق نحو التكاتف من أجل مستقبل الأوطان التي نعيش فيها ، لنحافظ على مقدراتنا وأبنائنا ، ننطلق من أجل التسامح لا الانتقام ، وبناء أواصر المحبة والإخاء بين شعوبنا ولكن في نفس الحال ينبغي ضرورة فهم الأمور على طبيعتها وعدم تركها مشاعًا لمن يرغب في زرع الفتنة ويحدث الفوضى والعبثية على جانب الطريق.
2 / 2
إيران اليوم على قارعة الطريق لا أحد يريد احتضانها، ولا أحد يرغب في وضع يده بيدها، لكنها تبحث باستمرار عن فسحة لها في جسد السد يمكن أن تساعدها في هدمه، إنها لا تنفك عن الالتفاف على كل قرار ، تريد أن تتحرر من القيود التي فرضتها على نفسها بالتدخل في شؤون الدول ومحاولة النيل من كل شيء يقف في طريق شهوتها الطائفية البغيضة.
ما تفعله إيران في الوقت الحاضر من تلون بلون الحرباء والتسلق على العلم المصري النبيل والتخفي بلونه لإيهام العالم أنها مع الشعب لن ينفعها وهي مكشوفة ولن تنطلي الحيلة لأن الجميع أصبح ملمًّا بسياستها الطائفية القاصرة، لذا يجب الحذر منهم فلو قدر لهم الانقضاض فلن يتسامحوا وسوف يسحقون كل من يواجه مشروعهم كما هو الحال اليوم في العراق.
لن ينسى التاريخ ما فعلته إيران إبان الحرب المصرية الإسرائيلية ، والأحداث والوقائع تثبت ذلك والتاريخ لا يرحم وهو مرآة صادقة لما فعلته بحق الشعب المصري في سبعينات القرن الماضي ، وهاهم اليوم بعد خمسين عامًا من الحرمان يطلون برأس الأفعى على أعظم بلد عرفه التاريخ ، لقد رأوا فيه ضالتهم الجديدة بعد أن دمروا الأوطان بأدواتهم ، رأوا التاريخ والحضارة والمقدرات والاختراعات والابتكارات ، شاهدوا الاستقرار الدائم لهذا البلد ، وساءهم هذا الأمر.
لهم الاشتهاء الكبير أن يهدموا القاهرة والإسكندرية ، والمقطم ، والأهرامات ، إنهم يعملون جاهدين منذ أيام رئيسهم الأسبق حين كان يجوب القاهرة مشيرًا بعلامة النصر. التاريخ لا ينسى أبدًا ، يحاولون أن يعيدوا أيام الدولة الفاطمية ، لهم مآرب كثيرة ولكن الشعب المصري لهم بالمرصاد ، لن يسمح لسهامهم أن تنفذ لقلب العروبة ، وإثارة الكراهية ونشر البغضاء ، وانتزاع الاستقرار من المصريين ، رغم إيغالهم بشدة في اشتهاء السيطرة على فكر مئة مليون مصري ويحولون الشعب الأبي إلى مجرد أدوات يحركونها كيف يشاؤون ومتى شاءوا ، ولكن هيهات لهم ذلك فهناك أمة اسمها مصر لن تسمح بإثارة الفوضى على جانب الطريق وتقيم مصالح ضيقة مع دولة تجاوزت كل الأعراف الدولية والتقاليد الممكنة التي تدعو التعايش مع دول الجوار تحت مظلة التسامح والبناء وتنبذ الإرهاب والتطرف.