خواطر
ضجيج

ضجيج
كان خبر رحيلهم كالصاعقة، التي تشلّك، تحرقك، تعطبك، ولكنها لا تقتلك.
في عقلها ضجيج مزعج، عكس ملامحها الهادئة.
كانت الأفكار تعصف بها كالإعصار الهائج:
– فكرة تصرخ وتقول: “ماتوا!”
– وأخرى تجيب: “كلا، ليس بعد!”
– وثالثة تندب بصوت عالٍ: “وامصيبتاه!”
– وأخرى تقول: “يا أرحم الراحمين، تولَّنا!”
– وأخرى في غضب على من آذاهم: “لعنة الله !”
– وأخرى تسأل: “لماذا؟ وكيف؟”
– وواحدة تنفي: “كله كذب وهراء!”
– وواحدة تجزم: “لم يبقَ منهم أحد!”
– وأخرى تقول: “جميعهم بخير.”
– وفكرة تشكّك: “إنهم غير متأكدين.”
– وواحدة تحثّها في عجل: “اختبئي عن اعين الناس، كي لا يسألونك عما لا تعلمين. أغلقي عليك بابك، مدّي سجادتك، وابتهلي إليه، واسأليه اللطف فيما جرى.”
رحمه حمد
مقال رائع ، أرفع لك القبعة ، لقد استطعت أن تنسجي الألم بلغة راقية، وأن تترجمي وجع الفقد إلى مشهد حيّ ينبض بالمشاعر والتناقضات الإنسانية. في “ضجيج”، لم يكن الصمت صمتا، بل كان صراعا داخليا صاخبا، يحاكي ضجيج الفكر عند اشتداد المحن.
أسلوبك ينم عن وعي أدبي ناضج، وقدرة فريدة على إيصال الانفعالات النفسية للقارئ بسلاسة وصدق. لقد جعلتنا نسمع ذلك الضجيج ونشعر به، كأننا نعيش اللحظة ذاتها، بكل ارتباكها وأسئلتها ومناجاتها.
إنه نص لا يُقرأ مرة واحدة، بل يُتأمل، يُحترم، ويُحفظ في الذاكرة كقطعة من روح كاتبة تفيض بالإحساس والصدق👏👏.