هذا يومٌ جديد

يأذن الله تعالى باليوم الجديد ليطل على الدنيا وعلى الحياة وعلى الناس جميعاً ؛ وهو يحمل في طلائعه النور والخير والسرور والفرح والحبور والبهجة والأمل والإيجابية والنجاح والفوز والفلاح، ويحمل للناس البشائر والأفراح واليوم الواعد الجميل !

تشي خيوط الفجر دنيا الحياة ، ودنيا الناس ؛ فتشرق الحياة من خلف الجبال والسهول ، وتبدو المروج والزهور فرحة ! وتسعد الرياض الجميلة الحالمة الساحرة والبساتين الغنّاء وتكاد الغصون والثمار اليانعة المتدلية أن تنافس الطيور والعصافير في غنائها الصباحي الجميل ، وهي تؤدي النشيد السماوي العلوي العظيم !.

كل عوالم الموجودات من عوالم الجمادات الساكن الهادئ المطمئن وعوالم النباتات الحيّ العظيم ، وعوالم الحيوانات والدواب كلها تستقبل اليوم الجديد بالفرح والسرور والسعادة والأمل والحركة السريعة الدؤوب في أرجاء الأرض أو أجواء السماء بحثاً عن توفير الاحتياجات الأساسية والضرورية لديها ،
وسعياً في الأرض والسماء الواسعة والشاسعة صلاحاً وخيراً !
فتلك عوالم الحشرات وعوالم الطيور وعوالم الأسماك في البحار والمحيطات والأنهار الجارية والجزر البعيدة وغيرها من عوالم الكائنات والمخلوقات الحيّة، تنطلق مع إشراقة الصباح في الطول والعرض في طلب أرزاقها، والبحث والتنقيب عن تلك الأقوات التي تعلم يقيناً أن البارئ المصور الحي القيوم ذي الجلال والإكرام الرازق والرزاق قد أدّخرها لها في مكان ما ! فعليها السعي الحثيث والضرب في فجاج وسهول الأرض لتحصل بإذن الله تعالى على تلك الأقوات والأرزاق المضروبة المكتوبة لها .

كذلك الثقلان من الجن والإنس والذين هم على فطرتهم وطبيعتهم الإنسانية الأصيلة الملهمة وهم كثير وكثير ؛ ما تكاد أشعة الشمس تضرب بجمالها وجلالها وحرارتها في أقصى المشارق والمغارب ؛ حتى يقبلوا على أعمالهم ووظائفهم وهم يسعون ويمشون وراء مصادر أقواتهم وأرزاقهم ، وهم فرحون مستبشرون باليوم الجميل الجديد .

ويبقى فئات من الناس يصبحون على ما باتوا عليه الليلة الماضية من الهموم والغموم والآلام والأحزان والمصائب والنكد يجترونها اجتراراً عجيباً في اليوم التالي الجديد ! وفي هذا اليوم الجديد المبارك ! لا يرون أشعة الشمس الجميلة الهادئة ! ولا يرون ولا يسمعون العصافير والطيور وهي تحيي اليوم الجديد بالأناشيد والأغاني الجميلة ! ولا يشمون أنفاس الأزهار ولا نسائم الفل والياسمين والكادي ، ولا يشعرون أبداً بأن هناك فجراً جديداً ويوماً جديداً وفسحة وفرصة سعيدة جديدة !

هؤلاء هم المحرمون من جمال الطبيعة الساحرة ! وجمال الخير والفضل والصلاح والبركة والتوفيق والسداد في الدنيا !
وهم المحرمون من الاستمتاع بالحياة ! وهم المحرمون من السعادة والتفاؤل والسرور والفرح والأمل والحبور والسكينة !
هؤلاء الذين أشقوا أنفسهم وذواتهم بأنفسهم وعقولهم وقلوبهم وأرواحهم ، وربما خرجوا من الدنيا أشقياء كما عاشوا فيها أشقياء !
والمرء لا تشقيه إلا نفسه
حاشا الحياة بأنها تشقيه !!

اليوم الجديد هو الفرصة الجميلة الطيبة التي منحها الله تعالى لك أنت لتعيشها وتحياها ! وربما حُرم منها آخرون !اليوم الجديد هو الأمل والتفاؤل والسرور الجديد الذي يجب أن تدخله على نفسك العظيمة والكبيرة وزوجتك وأولادك وأهلك أجمعين ! اليوم الجديد هو الصفحة الرسمية الجميلة البيضاء التي أذن الله تعالى لك فيها أن تعيد كتابة سطور حياتك كتابة جديدة ومفيدة! اليوم الجديد هو الكتاب الجديد الذي ربما أذن الله تعالى لك فيه أن تكتب فيه أجمل قصة ورواية لحياتك عرفتها البشرية ! اليوم الجديد هو الزمن الجميل البديع في حياتك القادمة والمليء بالإنجازات والإبداعات !
فافتح قلبك وعقلك وعينيك وأذنيك لإستقبال هذا اليوم الجديد ! وليكن لك البداية المميزة والرائعة نحو غد واعد وجميل وطريقك الذي تصنع فيه آثارك نحو رضا الله تعالى والفردوس الأعلى.
قال الشاعر العربي الكبير إيّليّا أبو ماضي:

لتكنْ حياتُكِ كلها
أملاً جميلاً طيِّبا
ولتملإ الأحلامُ نفسَك
في الكهولةِ والصِّبى
مثلُ الكواكبِ في السماءِ
وكالأزهارِ في الرُّبى
ليكنْ بأمرِ الحبِ قلبُكِ
عالَماً في ذاتهِ
أزهارُهُ لا تذبلُ
ونجومُهُ لا تأْفلُ !!

د. سالم بن رزيق بن عوض

المصلح والمستشار الأسري