العاجزون

بقلم/ د. شادي الكفارنة
العاجزون
عندما نشعر بأننا عاجزون عن العيش بسلام فاقدو الأمان نكون بذلك تحت سواد حرب الإبادة الجماعية غير قادرين على مواصلة حياتنا اليومية، ونكون قد عجزنا عن حماية أنفسنا من الفقر المدقع و الجوع المنتشر و الأمراض المتفشيّة ومن علاج صحة أجسادنا وأبجديات تعليم أبنائنا حتى عجزنا عن المشي في شوارعنا الضيقة من زحمة النازحين وأكوام ركام بيوتنا المدمرة، لقد قضمتنا الظروف حتى أصبحنا عاجزين عن تنفس الهواء النقي الملوث بغبار المواد المتفجرة الممزوجة بدمائنا الملونة بألوان أشلائنا، إننا عاجزون عن تقوية صلابة نفسياتنا المحبطة و عن الإفصاح عن بؤسنا الذي يعيش معنا ولا يفارقنا، إننا عاجزون عن حماية أنفسنا من الموت المحقق الذي يسكن معنا في خيامنا وينتظر فرصة غضبه علينا حتى يقطع أجسادنا، حتى بتنا عاجزين عن دفن أمواتنا وبقينا أجساد منسيّة وأشلاء مرمية، لقد عجزنا عن البوح عن طموحاتنا التي هربت منا وعن التكلم عن أحلامنا التي ماتت في قصف دموي وتحولت إلى رماد أسود ، إننا عاجزون عن التكلم عن أوجاعنا التي تنخر أجسادنا وتقهر قلوبنا وتشتت تركيز أفكارنا ،وعاجزون عن التكلم عن ماضينا أو حتى عن حاضرنا الذي يقتلنا ومستقبلنا المملوء بسواد العدوان علينا ، لقد
نسينا أسماءنا واهتماماتنا ، وما نفكر فيه الآن فقط ، كيف ننجو بحياتنا؟
إننا عاجزون عن السمع بآذاننا التي تعودت أن تسمع فقط أصوات الانفجارات القريبة والقصف المميت ، وعاجزون عن التكلم بأفواهنا التي نتكلم فيها فقط عن الموت الذي يفتك أجسادنا، وعاجزون عن التعبير عن مشاعرنا الشخصية حتى نسينا مشاعر الحب وأركانه، وتبلدت فينا مشاعر الحزن عن فقد الأموات المنسيّة ، وصرنا العاجزين الضعفاء الذين نسكن في الخيام ونجلس على الركام ، وننام على الرمال.