أين يقع واد القرى الشهير في الأدب العربي ؟

أين يقع واد القرى الشهير في الأدب العربي ؟
قال جميل بثينة:
أقولُ لداعي الحب (والحجر) بيننا
( ووادي القرى) لبيك لما دعانيا)
يعرف الكثير منا ، جميل بثينة، ويسمع الكثير منا بواد القرى ؛ لكن لا يعرف الكثير أين واد القرى ؟!
اختلف الكثير من الباحثين عن موقع الوادي ، ولم يتوصل أحد لتحديد دقيق للوادي ، قال محمود شاكر ( لم أجد من يحدد وادي القرى ).
والواقع أنّ واد القرى يقع بين العلا وخيبر ويسمى اليوم (وادي الغضا أو وادي نخلا) وعليه قرية (مغيراء).
ذكره ياقوت الحموي فقال 🙁 واد بين الشام والحجاز وهو بين خيبر وتيماء ، سمي بذلك لكثرة القرى فيه).
وقال ابن جرير في تفسير سورة الحجرات ( تخلف أحد قوم صالح وسكن (قُرْح) بوادي القرى ويبعد عن الحجر ١٨ ميلاً)
هذين الدليلين كافيين بأن يكون وادي القرى كموضع ، هو وادي نَخْلا وعليه قرية مغيرا التي بها مطار العلا وتبعد عن العلا حوالي ١٥ كيلا جنوب شرق.
وذكر لغدة الأصفهاني من علماء القرن الثالث يصف الطريق من المدينة إلى الشام:(ذو المروة. قرية عظيمة لأخلاط الناس وهي على طريق الشام ومصر إلى المدينة ومكة،
وفوق ذلك عين معن قرية.
وفوق ذلك قرية عمودان…
وفوق ذلك السقيا …
وفوق ذلك الوادي وادي القرى …..
وفوق ذلك العوالي وهي قرى..
وفوق ذلك الحجر حجر ثمود..انتهى)
وقال أيضاً 🙁 وأسفل من وادي القرى مما يلي مطلع الشمس أرض بيضاءيقال لها مطران الأسود) ومطران معروفة شرق مغيراء.
بهذا يكون وادي القرى كما أشرت بين العلا ومطران الأسود .
والأدلة على هذا التحديد كثيرة أوجزتها في كتابي ( رسوم العشّاق في واد القرى)
وعند زيارتك لقرية مغيراء، ستجد آثار واد القرى ماثلة أمامك، وبقايا (سوق صعيد قُرْح) الذي فيه مصلى للرسول صلى الله عليه وسلم عندما مرّ على واد القرى سنة ٩ للهجرة.
ويسمى صعيد قرح اليوم ( المابيات). فهي خير شاهد على هذا المعلم الشهير الذي اندثر بعد سقوط الدولة العباسية ، وتدهور الأمن ، فتغيرت رحلة حجاج الشام الذين كانوا هم الساعد الأيمن لبقاء الوادي مزدهراً.
بقي وادي القرى مسرحاً للغارات من البدو ، وصراع بين القبائل لمدة تتجاوز ١٥٠ عاما ، حتى تهدمت قراه التي بنوها العباسيون على يد (صالح العباسي ) حتى سميت مدن صالح نسبةً له.
لكنها عند ظهور الدولة الأيوبية التي رسّخ فيها الملك المعظم عيسى (٦١١ه) قواعد الأمن ، وأعاد الحياة لقوافل الحج ، ونظم السقيا وصلح البرك ، وأعادة تأمين الطريق من الشام لمكة المكرمة ، وكان العلا وقتها لبني صخر ، ولهم فيها قلعة فانتزعها منهم ، ووضع لها حرّاس من الجند.
بعد هذا التاريخ عاد واد القرى للحياة مرة أخرى ، لكنه أصبح أثراً بعد عين ، وعدل معظم الحجاج عنه ، إلى منزلة أخرى تسمى (أبيار غنم ) يمرون واد القرى مرور الكرام ، ولا يعلمون أن هذا المكان كان عاصمة ضخمة ، حتى قبل الميلاد ، فكانت قوافل البخور تمره، ثم قوافل (رحلة الشتاء والصيف ) التي ذكرت في سورة قريش ؛ ثم قوافل الحج التي استمرّت أكثر من ١٣٥٠ عاماً.
هذا نزر بسيط عن واد القرى ، الذي يعد من أشهر المعالم في الجزيرة العربية ، ومن يتابع مقالاتي سيجد الكم الهائل عن معالم هذا الوادي الشهير.
يقول جميل بن معمر العذري :
ولقد أجرّ الذيل في واد القرى
نشوان بين مزارعٍ ونخيل
محمد سعيد المرواني
مراجع :
رسوم العشاق في وادي القرى
تأليف : محمد سعيد المرواني