كُتاب الرأي

(ترامب والظاهرة الصوتية )

محمد سعد الربيعي
(ترامب والظاهرة الصوتية )

مما لاشك فيه أن الرئيس الامريكي ترامب بدأ رئاسته الثانية في البيت الابيض بنوعٍ من التخبط الغير مدروس ، فلم يسلم منه الجميع في العالم ( دول امريكا ، وكندا ، والمكسيك ، وبنما ، واوربا ، أيضاً التي لازالت تنتظر ماذا ستسفر عنه تهديداته لها ، وكذلك الشرق الاوسط ) الذي شمر ساعديه على هذه المنطقة بدأً بغزه ! وسكانها ! .
من المعروف أن كندا تعد ثاني أكبر مساحة في العالم بعد روسيا ، ويرى ترامب أنها ستكون الولاية الواحد والخمسون لأمريكا ، وتناسى أن مساحتها تتجاوز مساحة امريكا كاملة ، كما ذهب للمكسيك وتغيير اسم خليجها ، وبنما واحتلال قناتها ، وجزيرة غريلاندا في بلجيكا وشرائها أو إحتلالها ، ناهيك عن الضرائب التي بدأ يفرضها يمنة ويسرة على دول كبيرة ، ومنها الصين على سبيل المثال ، متناسياً ان هذه الدول تستطيع الإستغناء عن الصادرات الامريكية .
لعلي هنا أقتصر على تصريحاته المتعلقة بالشرق الأوسط ، وتحديداً القضية الفلسطينية التي تراوح قضيتها في الأمم المتحدة ، ودول العالم المؤثرة مايزيد عن ثمانون عاماً ، ولم تجد الحل لإعتبارات كثيرة ، ومنها الضغوط التي يمارسها اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الامريكية والتي دائماً تستخدم حق الفيتو في مجلس الامن للوقوف كحجر عثرة في سبيل حل هذه القضية .
مابدر من الرئيس ترامب خلال إستلامه زمام أمور رئاسة الولايات المتحدة الامريكية هذين اليومين حول قضية فلسطين ، والشرق الاوسط بشكل عام يدل دلالة واضحة أنه يجهل دهاليز هذه القضية ، وأنه يعتقد من خلال تصريحاته المتسرعة أن الحلول ستأتيه جزافا، ودونما أن يأخذ رأي مستشاريه وخبرائه في هذه القضية ، ومايمكن أن يوجده من تنسيق مع زعماء الدول العربية ذات الشأن للوقوف بشكل جيد على مسوغات ماسيذهب اليه من تصريحات تصب في حل القضية لاتعقيدها .
من المعروف أنه ليس للرئيس ترامب أي خلفية سياسية سابقة ، فقد دخل هذا المجال المعقد من باب التجارة ، وكرجل أعمال ناجح ، وهو بهكذا ودعم اليهود له في أمريكا وصل لسدة الرئاسة مرتين ، وهناك داعمين يهود له استرخصوا المال في سبيل الحصول على مبتغاهم منه، وبالذات اليمين المتطرف وصقور واشنطن أو المتصهينيين من الأمريكان ،فيمايتعلق بتحقيق طموحاتهم في دعم الدولة اليهودية ، وخاصة جناح الليكود المتطرف فيها الذين يرون طرد العرب من أرضهم واحتلالها بالقوة ، وهو ماذهب اليه ترامب في بداية رئاسته الجديدة الثانية حيث بدأ يتخبط في تهجير سكان غزه ، وإقتطاع الضفة ، والحاقها بدولة اسرائيل كما بدأ من تصريحاته الأولية المتسرعة.
لايمكن أن تُترك هذه التصريحات على عواهنها ، حيث جرب ترامب مثل ذلك ، ونقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس ، ومنح مالايملكه في هضبة الجولان السورية لاسرائيل ، ومن هنا لابد أن تحزم الدول العربية موقفها ، وتقف في وجه هذه المخططات التي يريد ترامب تحقيقها ! ولعل مصر والاردن هما المعنيتان هنا أولاً بتأثير هكذا مخطط ، ومن المهم هنا أن نشير للموقف السعودي الحازم من هذه التصريحات ، حيث ستقف المملكة في وجه هذا المخطط ، ولن تتأخر في الدفاع عن فلسطين ، ورفض كل ما ينوي تحقيقه ترامب ، وهو موقف أصيل ومنذ بداية هذه القضية التي تعد قضية العرب الاولى .
اليمين المتطرف في أمريكا واسرائيل هما من قد دفعا ترامب لتبني مثل هذه المواقف، وهو ينظر لحل هذه القضايا بنظرة التاجر ، ولاتهمه النتائج بقدر ماسيحصل عليه لاحقاً حتى بعد مغادرته لكرسي الرئاسة في البيت الابيض ، وعلى الفلسطينيين إستيعاب ذلك ، وتوحيد موقفهم ضد كل هذه التدخلات التي ستفتت قضيتهم ، وتذهب كل الجهود َهِدرا .
كما على حماس أن تبتعد عن الساحة السياسية والعسكرية ، وتحل نفسها قبل أن تُحل بالإبادة ، أو الطرد خارج غزه ، والضفة ، وهي محاولات من ضمن إجراءات يجب على حماس اتخاذها ، وكذلك الفلسطينيين ، والعرب في إقناع العالم بصعوبة تحقيق مخططات ترامب .
مايجب أن تركز عليه أو يركز عليه صُناع السياسة العربية هو إقناع ترامب بالعدول عن مخططاته هذه أو التراجع عنها بالشكل الذي يحفظ ماء وجهه ، وهو لعله يقتنع ويعود ، ولو بنصف الكأس من حيث إبعاد حماس عن اقليم غزه ، وتسليمها للسلطة، والشروع في وضع سلام دائم بين العرب ، واسرائيل ، وهو مايطمع فيه ترامب حيث لوحظ مدى رغبته الحصول على جائزة نوبل للسلام ،وهي ذات النرجسية التي خاطب العالم فيها والعرب بشكل خاص وهدد وتوعد حول تهجير أو إفراغ غزه من أهلها ، ورغبته الملحة في أن يصنع السلام الذي سيكون أحد أسباب عدوله عن غزه ، وأهلها ، وهي فرصة تسطيع الدبلوماسية العربية اختراق جداره الترامبي وتحقيقها ، وبالتالي منع هذا التخبط الذي لايمكن أن يجد الموافقة من العرب ، والعالم بشكل عام فيما يذهب له ترامب .

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى