جمالُ البدرِ في ليلةٍ حالكة السواد

سويعد الصبحي
جمالُ البدرِ في ليلةٍ حالكة السواد
ما أعجبَ القمر لا يُبصره أحدٌ حين يزاحمه ضوءُ الشمس ولا يلتفت إليه ناظرٌ إن خرج في ساعةٍ لم يُهيَّأ لها المشهد.
لكنه إذا ما اعتلت السماءُ عتمتها وإذا ما اشتدّ السوادُ في أطراف الليل بزغ البدرُ بهيبته فيغمر الأرض بنوره الصافي وكأنه وُلد من رحم الظلام ليُحيي الأرواح.
ذاك هو سرُّ البدر: لا يظهر ليمتلئ بل يمتلئ ليظهر في لحظةٍ لا يتقنها سواه.
وحين يحين وقته لا يحتاج إلى ضجيج لا يصيح لا يتكلّف… بل يكفي أن يسطع فينظر إليه الجميع بدهشة وكأنهم يرونه لأول مرة رغم أنهم يعرفونه منذ الطفولة.
وفي ذلك حكمة بالغة. فكما لا يُبهِر القمرُ في النهار لن يتلألأ الإنسان في غير وقته.
جمالك نورك قيمتك… كلها لن تتجلّى في عيون الآخرين إلا حين تشرق في اللحظة التي تحتاج فيها الحياة لحضورك.
لا تتعجل الظهور ولا تُرهق نفسك بالركض خلف الأضواء ففيك نورٌ كامن ينتظر ليلته المناسبة.
قد تتوارى خلف الغيوم يومً وقد تمرّ بك ليالٍ تُشبه المحاق لكن لا تحزن… فالبدر لا يخشى الغياب لأنه يعرف أن عودته ستُبهر القلوب.
تأملها جيدًا:
البدر لا يبحث عن موضعٍ بين النجوم بل يختارُ ليلتهالخاصة فيسطع في السماء وحده فيعلم الكون كلهأن النور الأجمل… لا يُرى إلا حين يشتدُّ الظلام.
كاتب رأي وإعلامي