(قلبٌ راضٍ )

(قلبٌ راضٍ ) ..
قد تكون الحياة مُرهقة ومليئة بمختلف المشاعر التي تتقلب حسب المواقف التي نمر بها فتارةٌ نكون في أتم السعادة وتارةٌ نشعر بأننا قد سقطنا في الهاوية.
فما السبب الرئيسي الذي يجعلنا نشعر بهذه المشاعر المختلفة؟
طبيعتنا كـبشر تجعلنا نتأثر بالأحداث اليومية ونتقلب من شعورٍ لآخر، والبعضُ منا ينغمس في هذه المشاعر لدرجة أنها قد تؤثر في حياته العملية فتجده إما قد توقف نهائياً عن ممارسة أعماله اليومية أو يفعلها على مضض ودون وجود دقة وإبداع ،
والمشكلة الرئيسية في كل هذا هو القلب فهو أساس المشاعر؛ فلو تعرضنا لموقف ما فسنشعر برضا او عدم رضا حسب الموقف وحسب ما طغى على قلوبنا وقتها.
الحل الأنسب لهذه المشكلة هو التسليم التام لله سبحانه وتعالى بمعنى الرضا الكلي عن كل ما يحدث لنا في حياتنا خيراً كان أم شراً،ليصبح القلبُ راضٍ، فكما نعرف ربُ الخِير لا يأتي إلا بالخير ولو كانت الأمور الظاهرة شراً لنا إلا أن في باطنها خيراً نجهله والله عز وجل يعلمه وكفى به عليماً خبيراً.
قد تحدث أمورٌ كثيرة فِي حياتنا تُخرجنا عن طورنا وتجعلنا نشعر بالعجز التام تجاهها فنجد أن قِوانا تلاشت ليحل محلها ضعفٌ وقلة حيلة،وهُنا تأتي عاصفة الحياة لتزلزل كيانك بين ظروفٍ وأمورٍ لا تقوى عليها ولاقدرة لك على إيقافها أو تغيير وجهتها مما يجعلكَ واهِناً منكسراً وقلبك غير راضٍ تماماً عما يحدث فتتجه إلى الله لتستشعر إن الأمر بيده وإن كل ما يُقدره الله خير فحاشاه سبحانه أن يحملنا ما لا طاقة لنا به أو ما به شرٌ لنا ؛ فيطمئن قلبك ويملئه الرضا وتسكنَ روحك لأنك هنا بدأت تُرخي قبضتك عن التمسك التام بالأمور التي تجعلك تضيق وتقلق لتسلمها لله وهو بلطفه يمسح على قلبك ليرضا ويسكن ويطمئن حتى لا تشغله متاعب الدنيا وصعابها فتعكر صفوه ،فقد أدرك قلبك أخيراً في هذه المرحلة معنى الإستسلام لله فتحول إلى قلبٍ راضٍ تماماً بكل ما يحدث له.
حين تسلم أمورك بيد مالك الملك ستُدرك أنها لراحةٌ نفسيةٌ عميقة من نوعٍ آخر تملئ قلبك بالرضا،ففي داخلك تعلم أن أمورك بيده وهو يدبرها وسيختار لك الأفضل والأحسن دائماً، فلو عُرضت عليك الأقدار لاخترت القدر الذي كتبه الله لك بكل مافيه ،
ولن تقلق على ماضيك الفائت ولا على حاضرك الذي تعيشه ولا حتى على مستقبلك الذي تأمله فتمضي مطمئناً ساكناً مرتاحاً لأنك تعلم يقيناً أن أمورك بيدٍ أمينة ، وأن ما عليك هو العسي وليس التحكم في سير الأمور وحدوثها ؛فتفعل ما بقدرتك وإستطاعتك متأملاً ومنتظراً الخير الوفير الذي يُخبئه الله لك فِي أيامك، فلو لم توفق في عمل أو فقدت من تحب أو سُرق منك شيءٌ ثمين تحزن طبعًا ولكنك لا تجعل الحزن يطغى عليك فتنهض مُرددًا (سيعوضني الله خيراً) فيفعل فقط لأنك كنت مُسلِماً مستسلماً بما قُدر لك ورضيت حينما لم يكن الرضا سهلاً فأرضاك وعوضك.
توكل على الله دائماً وإستبشر خيراً ، وقل حسبي الله ونعم الوكيل ،وإمض ِمطمئناً لأن شؤونك بيد مالك الملك الذي بمقدوره أن يعطيك الدنيا كُلها لو كنت مُحسن الظن به متوكلاً عليه.
الكاتبة / خلود عيسى عمر