كُتاب الرأي
(الحديث القدسي)

أحلام أحمد بكري
(الحديث القدسي)
نعلم كل العلم واليقين أن القرآن الكريم والأحاديث القدسية كلاهما كلام الله سبحانه وتعالى ، وهما مع الأحاديث النبوية الشريفة من مصادر التشريع الإسلامي ، ولكنهما يختلفان في أشياء كثيرة جوهرية ممكن أن نجملها للقارئ الكريم في هذة المقالة البسيطة في سطورها العميقة في مضمونها ولا عجب فحديثنا عن (الحديث القدسي)..
يختلف القرآن الكريم عن الحديث القدسي من حيث :(المصدر-الصياغة -الوحي-التعبد-الإعجاز- التواتر-التحريف)
إليكم الفروق الرئيسية بينهما:
أولاً /المصدر:
-القرآن الكريم:هو كلام الله تعالى المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام ، وهو معجز بلفظه ومعناه.
-الحديث القدسي:هو كلام الله تعالى من حيث المعنى ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم صاغه بألفاظه ، ولم ينزل بواسطة جبريل.
ثانياً/الصياغة:
-القرآن الكريم:ألفاظه ومعانيه من الله تعالى ، ولا يجوز تغييرها أو التعبير عنها بغير الألفاظ الواردة.
-الحديث القدسي:معانيه من الله ، ولكن ألفاظه من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك يمكن روايته بالمعنى.
ثالثاً/الوحي:
-القرآن الكريم:نزل بوحي جليّ ، وحي مباشر عن طريق ملك الوحي(جبريل) عليه السلام.
-الحديث القدسي:نزل بوحي خفي من خلال ما أخبر الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي أو الإلهام أو المنام أو بواسطة جبريل مفوضاً إليه التعبير بأي عبارة شاء من أنواع الكلام .
رابعاً/التعبد:
-القرآن الكريم:يتعبد بتلاوته ، ويُعتبر كل حرف منه عبادة ، ولا تصح الصلوات الخمس المفروضة أو النافلة إلا به.
-الحديث القدسي:لا يتعبد بتلاوته ، ولا تصح الصلاة به.
خامساً/الإعجاز:
-القرآن الكريم:معجز في لفظه ومعناه ، ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله.
-الحديث القدسي:ليس معجزاً في لفظه ، لأنه من صياغة النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً/التواتر:
-القرآن الكريم:متواتر كله ، أي نقلهُ جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب.
-الحديث القدسي:ليس كله متواتراً ، بل منه ما هو آحاد.
سابعاً/التحريف:
-القرآن الكريم:محفوظ من التحريف بوعد من الله تعالى ، قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر الآية -٩- ولن يُخلِف اللهُ وعدَه ، وقد تحقّق مِن وَعْدِ الله بذلك ما تقرّ به عيون الموحِّدِين من حِفْظ القرآن في الصدور ، وحفظه في السطور ؛ لأنّ ما حفظَهُ اللهُ تعالى باليقين لا سبيل إلى أن يضيعَ منه شيء..
-الحديث القدسي:ليس بنفس درجة الحفظ ، وقد يكون فيه ضعيف أو موضوع.
.
إذاً مختصر الكلام ، القرآن الكريم هو كلام الله بلفظه ومعناه ، بينما الحديث القدسي هو كلام الله من حيث المعنى فقط ، وصياغته من كلام النبي صلى الله عليه وسلم..
.
يقول الدكتور درويش جويدي في كتابة (الأحاديث القدسية): أما عن مجمل الأحاديث القدسية التي تم جمعها من كتب الحديث المُتفرقة فهي على نحو -أربعمائة- حديث باعتبار المكرر منها حسب الذي اُختلفت روايتهُ ، أو تغيّر فيه الصحابي الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم”..
جمعها د. جويدي من علماء الحديث النبوي الشريف، رحمهم الله جميعاً وهم:
⁃ الإمام مالك بن أنس
⁃ محمد بن إسماعيل البخاري
⁃ الإمام مسلم النيسابوري
⁃ الإمام أبي داود
⁃ الإمام الترمذي
⁃ الإمام النسائي
⁃ الإمام ابن ماجه..
نختم مقال هذا بأمثلة من الأحاديث القدسية تُبهج الروح وتطمئن بها النفوس:
١- “يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً ، فلا تظالموا” (رواه مسلم).
٢-عن أبي عبدالله النعمان بن بشيرٍ – رضي الله عنهما – قال: سمعتُ رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم يقول: (إنَّ الحلال بيِّنٌ ، وإنَّ الحرام بيِّنٌ ، وبينهما أمور مُشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس ، فمَن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومَن وقع في الشُّبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى ، يُوشك أن يرتع فيه ، ألا وإنَّ لكل ملكٍ حمى ، ألا وإنَّ حمى الله محارمه ، ألا وإنَّ في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسدُ كله ، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله ، ألا وهي القلب) رواه البخاري ومسلم.
٣-عن عائشة رضي الله عنها قالت:كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ ، قالَتْ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللهِ، أرَاكَ تُكْثِرُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ؟ فَقالَ: خَبَّرَنِي رَبِّي أنِّي سَأَرَى عَلَامَةً في أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أكْثَرْتُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ، فقَدْ رَأَيْتُهَا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والْفَتْحُ} [النصر:1]، فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ أفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إنَّه كانَ تَوَّابًا} [النصر:2-3]. رواه مسلم.