كُتاب الرأي

دعوة للتفاؤل

 

السعي في فجاج الأرض وفي مناكبها من الفطرة والطبيعة البشرية السليمة التي فطر الله تعالى كل المخلوقات الحية عليها ؛ فالكائنات الحيّة البرية والبحرية والزاحفة والطائرة والتي تمشي على رجلين والتي تمشي على أربع كلها تبحث عن الخبأ المخبأ لها من الأرزاق في تضاريس الأرض .

والأرزاق مضروبة مكتوبة على جبين الكائنات الحيّة ؛ وما عليها سوى بذل الأسباب والسعي والضرب في الأرض على اختلافها وتباينها ، والصبر والمصابر والمجاهدة والتحمل والتفاؤل والأمل كل ذلك مما يجلب به الأرزاق !.

والأكياس من الناس على مر العصور والأزمنة لا يحملون حقيقة هم الأرزاق و كثرة الأموال ! وإنما يحملون هم السعي والضرب في الأرض ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً !

وقد ذهب الشاعر الجميل عبدالعزيز الديريني إلى ذاك المعنى عند قوله :
مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتب عليه خطى مشاها !
وأرزاق لنا متفرقات فمن
لم يأته منا أتاها

 

والسعي للأرزاق كغيره من أنواع السعي في الأرض يحتاج إلى حسن معرفة وحسن ظن بالله العلي العظيم؛ وحسن توظيف للطاقات والقدرات والمواهب والملكات العالية في
في خدمة الإنسان الحقيقي.

لكن مما يفت في عضد الناس ، ويوهن عزمهم ويضعف إرادتهم هي تلك الرسائل السلبية السوداوية والتشائمية قبيل بداية الأعمال ! وقبيل تحقيق الأحلام والتصورات والأهداف ! وقبيل تنفس الصبح !

خذوا مثلا تلك الرسائل التي يتناقلها بعض العوام و بعض المتعلمين والبسطاء من الناس على حد سواء :

الله عينكم ! غدا دوام !
غدا بداية النكد !
الله يعينكم عليه !
والله شكله ما فيه خير !
هذه من أولها نكد !
طنش تعش تنتعش !
ما هناك فائدة ! نحن قلنا لكم !
الله يكفينا شر هذا اليوم ! لزيارة مسؤول !
الحال المايل !

 

الدنيا حظوظ ! يا بخت فلان !
يا أخي كيف أنتم صابرون على فلان ؟!
كيف أنت صابر على فلانة ؟!
كيف أنت صابرة على فلان ؟!
عيشة لا تطاق ! عيشة تأتي بالأجل !

لا في شمس ! كانت من أمس !
غسل يدك منهم !
هذا الشهر شكله أسود !
الله لا يغير علينا يا شيخ !
وهكذا القائمة تطول وتطول وتطول ،،،

حقيقة الحياة الدنيا حقيقة السعادة والتفاؤل والسرور والفرح والأمل والحبور والسكينة والراحة والسلامة فيها
كل ذلك من صنع الإنسان ! ومن صنعنا نحن فقط !
الحياة في كل الزوايا المختلفة والمتباينة تمنحنا جميعاً القدرة على الرؤية من تلك الزوايا المختلفة والمتباينة وقد نتباين ونختلف بسبب نظرتنا إلى الزوايا !.وتلك هي الصور الطبيعية السليمة للحياة !

 

الحياة الدنيا فيها كل الألوان والأطياف والأشكال ، وفيها كذلك كل درجات تلك الألوان والأطياف والأشكال ، وفيها كل
الأذواق والأشواق ! وكل الخيرات والمسرات والبركات والفضائل ، وفيها كل التنوع والتعدد الاختيارات والبدائل ؛ ويمكن للناس جميعاً أن يقرروا الأختيار الأفضل
والأحسن لهم !.

إن بعضنا تغيب عنه زوايا الخير والفضل والصلاح والبركة والتوفيق والسداد التي في الدنيا والتي لا يراها ولا يشعر بها ولا يعلمها؛ فهو يظن أن مشاعره وأحاسيسه وأفكاره هي الصحيحة وهي الحياة الدنيا كلها !.

كما قدمنا الحياة الدنيا فيها الخيرات والبركات والمسرات والعطايا والهبات الطيبة الجميلة، وفيها للجميع السعادة والراحة والسلامة والهدوء والسكينة والاستقرار الكبير لكن علينا أن نتفاءل ونتفاءل ! ونغير زوايا الرؤية لدينا ، ونحسن الاختيار ، ونحسن القرار ، وقبل ذلك كله نحسن الظن بالله تعالى.

الإنسان بما وهبه الله تعالى من الملكات والمواهب والقدرات والطاقات قادر على العمل والبذل والتضحية وتحويل الهزائم إلى انتصارات كبيرة وعظيمة، فعليه أن يثق فيما وهبه الله
تعالى وسوف يحول الأرض كلها إلى بساتين وجنات ، ومصانع ومساجد ، وآثار عظيمة من إعمار الأرض.

علينا أن نرى الحياة الجميلة الهادئة جميلة ورائعة وساحرة ، وأن وراء هذه الحياة الدنيا الكبيرة الله تبارك وتعالى الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الحي القيوم ذو الجلال والإكرام ، والله تبارك وتعالى معنا بعلمه وتوفيقه وهدايته ونصره وتأييده وفضله وكرمه وجوده!.

دعوة للتفاؤل في إقبال الليل وإدبار النهار ! دعوة للتفاؤل في البيت مع الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة! دعوة للتفاؤل مع الأقارب والأرحام والأصهار والأحباب والأصدقاء ! دعوة للتفاؤل مع أعمالنا ووظائفنا ومصادر رزقنا ! دعوة للتفاؤل مع طلائع المستقبل الواعد القريب !
دعوة للتفاؤل مع قدوم العام الدراسي الجديد!
دعوة للتفاؤل وتجديد حسن الظن بالله تعالى في كل شيء وهو يعني الثقة واليقين والرضا بالله تعالى.

يقول شاعر المهجر الكبير إيّليّا أبو ماضي :

أَيُّـهَـذَا الـــشَّــاكِــي وَمَـا بِـكَ دَاءٌ
كَـيْفَ تَـغْـدُو إِذَا غَدَوْتَ عَــلِـيـلَا؟

إِنَّ شَـرَّ الْجُــنَـاةِ فِـي الْأَرْضِ نَـفْـسٌ
تَـتَـوَقَّـى، قَـبْـلَ الـرَّحـيلِ الرَّحِـيلَا

وَتَرَى الــشَّـوْكَ فِـي الْـوُرُودِ وَتَـعْـمَـى
أَنْ تَـرَى فَـوْقَـهَـــا الـنَّـدَى إِكْــلِــيـلَا

هُـوَ عِـبْءٌ عَـلَـى الْحَــيَاةِ ثَــقِــيـلٌ
مَنْ يَـظُـنُّ الْـحَــيَاةَ عِــبْــئًـا ثَــقِـيلَا

وَالَّـذِي نَـفْـسُـهُ بِـــغَـيْـرِ جَـمَـالٍ
لَا يَرَى فِي الْوُجُودِ شَـيْـئًـا جَـمِـيلَا

أَيُّـهَـذَا الـشَّـاكِـي وَمَا بِـكَ دَاءٌ
كُنْ جَمِـيلًا تَـرَى الْوُجُودَ جَـمِـيلَا !

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى