كُتاب الرأي

في نفحات العشر الأوائل من ذي الحجة

في  نفحات  العشر  الأوائل من ذي  الحجة

تبقى نفحات السماء وروحانياتها  تحتضن البشرية جميعاً ،   في اختلاف الليل والنهار  ،  وتعاقب الأزمنة  وجريانها  على  الناس  !  فما  يكاد  يفارق  زمنٌ  من  الأزمنة  عبادة وقربه  إلا ولله تعالى أزمنة جديدة ،
ونفحات  جديدة  ،   وعبادات   جديدة  ! يشرع فيها زيادة التقرب إلى  الله  تعالى   ؛   والإقبال عليه  سبحانه  !  ومحاولة مغالبة  الأنفس السادرة  ! والأهواء الشاردة  !  ومكائد  الشيطان  الطامحة  في الغواية !

فيفتح    الله  تعالى   فيها للبشرية أبواباً ونفحات كبرى   للوصول إليه  تعالى  ، وإلى  مرضاته   ورحماته وإلى نفائس فضائله وعظيم أجره .

ما تكاد  توصد   أبوابٌ  للخير  والفلاح   والصلاح   والهداية   والبركة   والقرب  من  الباري  العظيم   ؛ حتى تأتي العناية الإلهية   ونفحات  السماء بأبواب جديدة تفتح  من خلالها أبواب الأمل والتفاؤل والعطاء والبذل والتضحية وتطوى صفحات عريضة من الخير  لنشر صفحات أخرى  واعدة  !

تبث وتبعث في الأجواء والأرجاء  رحمة الرحيم الرحمن وتودد الودود ومغفرة العزيز الغفور والغفار وستر الستير عز  وجل   وتجاوزه عما أوقعتهم  فيه نفوسهم الغافلة وشياطينهم والسادرة  ! .

مواسم الخيرات والمسرات والبركات والعبادات والأعمال الصالحات تطل علينا جميعاً بقدوم العشر الأولى من شهر ذي الحجة، هذا الشهر المحرم والعظيم
عند الله تعالى  فهو شهر  يتحقق  فيه إقامة الركن الخامس من أركان الإسلام الدين الإلهي العظيم ، وبه يكتمل الدين وتتم  النعمة  ،  لمن  وفقه الله تعالى لتمام الحج  في عامه هذا !

وهو  موسم تجارة حقيقية مع الله تعالى ؛  فالله تعالى يعرض بضاعته النفيسة وسلعته  الغالية  وهي الجنة والثمن المدفوع هو ما نقوم  به نحن  ونؤديه !  ونوفق إليه هذه الأيام العظيمة المباركة .

أيام يحبها الله تعالى  ويحب الأعمال والأقوال والأفعال الصالحة  فيها ومن أعظم الأعمال فيها الأعمال والأفعال المتعدية النفع للناس جميعاً فكلما كان العمل يستفيد منه أكثر الناس كان عظيماً وكريماً عند الله تعالى  ومما يجعلنا في زيادة الاهتمام والحرص على التجارة الرابحة والاستثمار في هذه الأيام  أن الله تعالى جمع فيها  ما تفرق من أركان الإسلام الخمسة ؛ ففي هذه الأيام  شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والإكثار من ذكر الله تعالى  وفيها المحافظة على الصلوات الخمس وسننها ونوافلها  وفيها الزكاة والصدقة وفيها الصوم  للحاج والمقيم  وفيها حجة

بيت  الله الحرام  لمن أستطاع إليه سبيلا ، هذه أركان الإسلام الخمسة جمعها الله تعالى للمسلمين والمسلمات في هذه الأيام المباركة العشر .

إنها  لأيام عظيمة فيها من الخير  والفضل والأجر ما يعلمه  إلا الله تعالى وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  على العمل فيها والتقرب إلى الله تعالى  بقوله : (  ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله تعالى منه هذه الأيام ؟!  فقال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم  ورضوان عليهم  ولا  الجهاد في سبيل ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :  ولا  الجهاد في سبيل الله تعالى  إلا  رجل خرج بماله  ونفسه ولم يرجع من ذلك بشيء )  .

إننا جميعاً  أمام  فرص غالية سانحة  وتجارة رابحة مع الله تعالى في هذه الأيام المباركة  ؛ فالزمان  هو الأغلى والأعلى  والأفضل والأكرم  والعمل الصالح متنوع
متمايز   كل يعمل على شاكلته.

فأجمل وأحسن  ما   نوصي   به  أنفسنا   وأهلنا   وأحبابنا  وأصحابنا  في  هذه  الأيام  والليالي  المباركة   من   الأعمال  والأفعال  :

أولاً:   المصالحة بيننا وبين ربنا  تبارك  وتعالى  بالتوبة والأوبة والرجوع إلى الله تعالى والإقبال عليه  هو  تبارك  وتعالى    .

ثانياً :  تعظيم  الله تعالى   التعظيم  الحقيقي  في الأوامر  والنواهي   والأخبار   الواردة  عن الله  تعالى  ومن  ذلك  تعظيم  الله  تعالى  في  ذاته  وفي اسمائه وصفاته  .

ثالثاً:  تعظيم  هدي  وسنة رسول  صلى الله عليه وسلم بالسماع  والقراءة والإطلاع  عليها  ،  والطاعة  والإنقياد لما  ورد  من   سنة  رسول  الله   صلى الله عليه وسلم.

رابعاً: تلاوة  القرآن الكريم  في  هذه  الأيام والليالي المباركة  ؛  والسعي  إلى  ختمه  قدر  المستطاع.

خامساً: الإكثار  من  ذكر  الله تعالى   المطلق  الوارد  في القرآن الكريم  والأحاديث  الصحيحة .

سادساً: المحافظة  على أداء  جميع الفرائض التي أفترضها  الله  تعالى   في  هذه  الأيام والليالي المباركة.

سابعاً: المحافظة على أداء النوافل من العبادات والقربات المشروعة لله تبارك وتعالى.

ثامناً: المحافظة على  عبادة الصيام لهذه الأيام المباركة وآكد  ذلك  صيام  يوم التاسع من ذي الحجة لحث رسول الله صلى الله عليه وسلم  الناس على ذلك .

تاسعاً: المحافظة  على الصدقات وصلة الوالدين الكريمين والأهل والأقارب والأرحام ، وحضور صلاة العيد  ، وذبح  الأضحية والتوسيع  على الأهل والأولاد.

عاشراً: أداء  فريضة الحج  لمن وجبت  عليه  الفريضة ولمن  كان  لديه  تصريح  صريح  لحج  هذا العام .

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يتقبل من المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
أعمالهم وأقوالهم  الصالحة وأن يوفق حكومتنا الرشيدة لما يحبه ويرضاه .

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى