ونحن ولا نسم

في زمن تتسارع فيه وتيرة الأحداث، وتتعالى فيه الأصوات، وتختلط فيه المفاهيم، يغدو من الصعب التمييز بين الصادقين منا والكاذبين، ومن الذين يناضلون بصدق من أجل مبادئنا، ومن الذين يسعون وراء مصالحهم الشخصية على حساب وطننا وأمتنا.
ما دعاني لكتابة هذا المقال هو ظهور شخصيات تتبنى خطابا مضللا، وتدعي مناصرة قضايانا، وقضايا الحرية والديمقراطية في الوطن العربي، وما هي في حقيقتها إلا أبواق مستأجرة، تنفذ أجندات خارجية مشبوهة، وتتخذ من منصات التواصل الاجتماعي مقراً لها لتبث سمومها، وتستغل حالة الانفتاح التي تشهدها المملكة والعالم بأسره والمنطقة.
وتتجلى خطورتها في قدرتها على التلاعب بعقول شباب الوطن وفتياته، وتزييف الحقائق، ونشر البلبلة والفوضى في مجتمعاتنا المستقرة أو التي يستهدفونها بالتدمير والخراب، يتاجرون علانية بقضايانا الحساسة، و (نحن، ولا نسم)، ويستغلون عواطف الناس لتحقيق مكاسب شخصية، ويضربون بعرض الحائط بالمبادئ والأخلاق والوطن والقيم .
إن حب الوطن ليس مجرد شعارات رنانة نرددها في محافلنا ومناسباتنا الوطنية والسلام، بل هو شعور قوي ينبع من قلب لا يخاف من أحد غير الله، ويتجسد في سلوكنا، وإخلاصنا في أعمالنا، وتفانينا في خدمة وطننا ومواطنينا، حب حقيقي يدفعنا إلى نبذ خلافاتنا، والعمل- سويا- من أجل رفعته، والمحافظة على أمنه واستقراره بكل ما أوتينا من قوة.
إن التحديات التي نواجهها تتطلب منا جميعا التكاتف والتعاون، والتحلي بروح المسؤولية، ووضع مصلحة وطننا فوق مصالحنا الشخصية، ونعي وعيا تام بالمخاطر التي تحيط به، ونحصن أنفسنا وأهلينا بالعلم والمعرفة، ونكون يدا واحدة في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمنه واستقراره، فلا تبنى الأوطان إلا بسواعد أبنائها المخلصين، الذين يضحون من أجل رفعتها وعزتها، ويعملون بجد وإخلاص من أجل مستقبل أجيالها، فلنكن جميعا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ولنعمل- يدا بيد- من أجل بناء وطننا، وحماية مكتسباته، ومكتسباتنا التي حققنا، ونحقق تقدمه وازدهاره، ونستمر في تبوء الصفوف الأمامية والمتقدمة .
فرحلة البناء والتقدم تتطلب منا أن نميز بين صوت الحق، وبين ضجيج الباطل، بين من يناضل من أجل مصلحة وطننا، وبين من يسعى وراء مصالحه الشخصية، وبين من يدفع من ماله وجهده ووقته وعرقه لوطنه، وبين من يقبض بالدولار في الظلام ليحقق أجندات خارجية، فلنكن حذرين من أصحاب الأصوات العالية والشعارات البراقة المزيفة، فإن الحق لا يحتاج إلى ضجيج، والأوطان لا تبنى إلا بأيدي أبنائها المخلصين.
المقيمون في كندا و لندن متى سينتهون من مرحلة النباح والمناكفات الصبيانية، ويتركوا لعب دور النائحة المستأجرة، ﻭ يهدئوا قليلا، ويفكروا بعقل وروية ليروا الحقائق واضحة جلية؟!
يا قومنا إنكم تحت سياط ميليشيات إجرامية متوحشة لا ترحم، تشن حربا شاملة خفية على دولتكم ومجتمعكم وأهليكم، ومن خلالكم، تفرقكم ولا تجمعكم، وتنشر الأكاذيب بينكم لتصدقوها، وتسترق نساءكم، وتعبث بكرامتهن وكرامتكم، وتفعل السبع الموبقات تحت ظلال شعار الحرية والديمقراطية المزيفة، وتوهمكم بأنكم الآن أصبحتم أحراراً، فـ (كل ديك علي مزبلته صياح، و كل كلب ببابه نباح).
إن الصمت في وجه هؤلاء المأجورين ليس من الحكمة في شيء، بل هو بمثابة تشجيعهم على الاستمرار في غيهم وضلالهم لعقود قادمة أيضا، وعلينا أن نواجههم بالحجة والمنطق، ونكشف زيف ادعاءاتهم، ونفضح مخططاتهم الدنيئة التي تستهدف النيل من أمننا ووحدتنا الوطنية.
لا بد من تضافر جهودنا لمواجهة هذا الخطر الداهم، فالأمر لا يقتصر على الجهات الرسمية وحدها فحسب، بل يشمل النخب المثقفة، ووسائل الإعلام والصحافة بجميع أشكالها، ومؤسسات المجتمع المدني، وكل فرد في هذا الوطن يستطيع حمل القلم حتى لولا يحمل إلا الابتدائية، يجب أن نتصدى لهذه الحملات الممنهجة التي تستهدف زعزعة ثقتنا بوطننا وقيادتنا، وتشككنا في مكتسباتنا ووحدتنا الوطنية.
ونعي في الداخل أن هؤلاء المأجورين لا يمثلون إلا أنفسهم، وأن شعبنا الوفي يدرك حقيقتهم جيدا، ولن ينخدع بأكاذيبهم ومغالطاتهم، ورهاننا يبقى دائما على وعي شعبنا، وحكمته، ووطنيته الصادقة، وعدالة قيادته.
وستظل مملكتنا – بعون الله- دولة قوية مؤثرة، تنهض بجهود أبنائها المخلصين إن كبت على وجهها او تعثرت، وتتحدى كل المؤامرات التي تحاك ضدها، ستظل بلادنا بلاد الحرمين الشريفين كما هي منارة للإسلام والعرب، وحصنا منيعا في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمنها واستقرارها، وتاريخنا يشهد لنا بأننا أمة تجاوزت من التحديات ما هو أعظم من هذه المرحلة، وأشد، وخرجت منها أكثر قوة وتماسكا، ستبقى مملكتنا مملكة العزة والكرامة – بعون الله- وحدة واحدة، وقيادة واحدة، تسير- بخطى ثابتة- نحو مستقبل واعد مشرق، شامخة عزيزة- بإذن الله- ومنارة للعلم والتقدم والازدهار، و كل ما تفيض به قلوبنا نتكلم به علانية بلا خوف ولا وجل.
محمد الفريدي
مقال كالمقالات السابقة مهم للغاية نجح من خلاله الكاتب الوطني المفكر الأستاذ محمد الفريدي بروح تعي مفهوم الاستراتيجية والآفاق المستقبلية وتجيد قراءة الحاضر بتحدياته وصراعاته الإقليمية والعالمية .
فقليل هم من يرون المشهد بكل أبعادها موجهاً إليه مساقط ضوء للتعمق بفهم من أجل إفهام أصحاب الرؤى المحدودة بحدود الذات المتأثرة بأفكار من لا يريدون تلاقي الأفكار أو المصالح العربية العربية ، ودائماً ما يصنعون عراقيل وتشككات تحتاج من كتابنا مجهودا غير محدود لإصلاحها وتصحيحها !
مقالك أخي الكريم أستاذ محمد الفريدي مهم للغاية ، ينضم إلى مقالاتكم السابقة العديدة ، يستحق أن يوضع على طاولة النقاش والبحث والدرس في الجهات المعنية فيما يتعلق بالشأن الداخلي بالمملكة والشأن العربي والإنساني بشكل عام.
تذكرني في جوانب كثيرة منها بأسلوب الدكتور عبد القادر حاتم وزير الإعلام الأسبق في جمهورية مصر العربية ..القلم الوطني في أوقات التحديات من أسلحة القوى الشاملة في أية دولة .
دمت موفقاً وكتب الله التوفيق لجريدتنا المُحبة للبناء الساعية إليه العاملة من أجله تحت قيادتك الكريمة .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أستاذي العزيز الدكتور سالم بن رزيق
جزاكم الله خيرًا على كلماتكم الطيبة التي أثلجت صدري ، وأشكركم من أعماق قلبي على تشجيعكم المستمر ودعمكم الذي لا ينقطع ، و كلماتكم هذه تعكس روح الأخوة والزمالة التي تجمعنا، وهي بمثابة حافز كبير لي لمواصلة العمل والكتابة بقوة وإصرار.
إن مقالي “ونحن ولا نسم” هو محاولة لتسليط الضوء على قضايا هامة تشغل بالنا جميعًا، وأهدف من خلاله إلى إحداث نوع من الوعي والتغيير الإيجابي في مجتمعنا ، و تأييدكم وتقديركم لما اكتبه يجعلني أشعر بأنني على الطريق الصحيح، وأن جهودي لم تذهب سدى.
أستاذي الكريم، إن كلماتكم تعني لي الكثير، وتؤكد لي أن الرسالة قد وصلت بوضوح، وهذا هو الهدف الأسمى من كل ما أكتبه ، و دعمكم لي بمثابة شحنة إيجابية تدفعني إلى الأمام، وتزيد من عزيمتي لمواصلة الكتابة والتعبير عن قضايا تهمنا جميعًا.
أكرر شكري وامتناني لكلماتكم المشجعة، وأدعو الله أن يوفقنا جميعًا في مساعينا لخدمة وطننا ومجتمعنا ، و دعمكم وثقتكم هما أكبر تكريم لي، وسأظل دائمًا أسعى لأن أكون عند حسن ظنكم وظن قرائنا الكرام.
دمت موفقًا ومسدَّدًا، وكتب الله لكم ولنا التوفيق في كل ما نسعى إليه من أجل رفعة وطننا وأمتنا ، وتقبلوا فائق تحياتي وتقديري.
محمد الفريدي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله تبارك الله
هذه صيحة حق مدوية
شكرا شكرا لكم أبا سلطان
وإلى الأمام دائما وابدا..