خواطر
*ألم العشم*

*ألم العشم*
تلك اللحظة الفارقة، والثانية الحاسمة، حين تستجمع إدراكك بأنك تفعل كل شيء لوجه الله، بإخلاص وتفانٍ، ثم يراودك العشم بأن ثمرة عطائك قد نضجت في قلوب الآخرين، وأنهم سيذكرونك بخير، أو يثنون على إحسانك ولو بكلمة.
لكن حين لا تجد سوى الجحود، تُدفن روحك في كهف جلد الذات، وتحترق تحت رماد جمر اللوم، بعد صدمة خذلانٍ لم تتوقعه.
تمر هذه اللحظة على قلبك النقي كطعنة من نصلٍ حاد، تبتر منه كل معنى للعطاء والوفاء، وتوقظه من حلم السخاء اللامحدود.
أو كأنها لسعة مؤلمة من عقربٍ سام، تلدغ شحمة أذن قلبك الطيب، فتجعله يتلوى من شدة الألم، لينتبه ويقنن عطاؤه مرغماً، مدركًا أن الطيبة لا تُمنح لكل أحد، وأن الكرم يحتاج إلى حكمة، فليس الجميع يستحق.
ورغم كل ذلك، يبدأ القلب بداية جديدة، أكثر وعيًا، وأقل اندفاعًا، بعد درسٍ شديد المرارة والقسوة، تعلم منه قوانين تتناسب مع قلوب من حوله.
وبرغم الألم، لا يزال يؤمن أن الطيبين لا يندمون على طيبتهم، بل يتعلمون كيف يهبونها لمن يستحق، وأن البذل لا يُهدر حين يُمنح بحكمة.


“صدقتِ 🌹، فالعطاء قد لا يُثمر عند البشر دائمًا، لكن ما عند الله باقٍ لا يضيع أبدًا، وهو خير وأبقى، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
أجمل وأفضل وأقوى الصدمات هي صدمة المتعشم ، يتغير بعدها جذريا ، وكأنها ضربة معلم يريد أن تفهم الدرس