رحيق الكلمات
(لا مرسى يكبلنا)

(لا مرسى يكبلنا)
هاتِي اليدينَ كما المجداف للسفنِ
للحبِّ نمضي بلا مينا بلا مدنِ
نتيهُ في الحبِّ لا مرسى يُكبّلنا
كما يتيهُ سفينُ البحرِ في الزمنِ
لا يستريحُ إذا ما سارَ قاربنا
وكيف يرتاحُ أهل العشقِ للوسنِ ؟
مسافرُ البحرِ يشكو بُعْدَ موطنهِ
ومن يسافرُ في روحٍ ففي وطنِ
تجري الرياح إذا مانشتهي وطنًا
وتسكنُ الريحُ إنْ عدنا إلى السكنِ
نصيدُ في الماء أشعارًا لكربتنا
ونقسم الصَّيدَ للأيامِ والمحنِ
نعومُ في الحبِّ إن عشنا بلا وهنٍ
وإن غرقنا فلا حبٌّ بلا ثمنِ
ملوحةُ الحبِّ والأمواج يعرفها
من غاصَ في العشقِ بالشريانِ والبدنِ
لكلِّ روحٍ محيطاتٌ وأبحرةٌ
واللهُُ يعلمُ مافي البحرِ من شجنِ
أهلا بك أستاذ أبوسلطان
لك الشكر لك الشكر لك الشكر
يكفي أن تمر على أبياتي فتورق وتتورد يكفي أن تنثر عطرك فنتنفس القلم الراقي الصادق
أي كلمات تعجز عن رد جميل حرفك أخجلتني بكرمك ياكريم.
حين قرأت قصيدة الزميل الشاعر الجميل خلقا وشعرا، حسن ناصر المتعب، “لا مرسى يكبلنا”، وجدت نفسي أمام عمل شعري مفعم بالأحاسيس العميقة والصور الإبداعية التي أخذتني في رحلة بحرية من المشاعر الجميلة .
فقصيدته تتحدث عن الحب كرحلة بحرية جميلة لا تنتهي، لا موانئ لها ولا مراسي ولا شواطئ، بل تيهٌ جميل في بحر عشق عميق. ولأول مرة أقرأ لشاعر يوظف الرحلة البحرية بهذا الشكل في وصف الحب ، وأول ما افتتح قصيدته، افتتحها بنداء عاطفي يفيض بالحب والدفء:
هاتِي اليدينَ كما المجداف للسفنِ
للحبِّ نمضي بلا مينا بلا مدنِ
أف، ما هذا الجمال؟! هنا رسم شاعرنا المتعب لوحة شعرية زاخرة بالرمزية، حيث تصبح اليدان مجاديف تقود سفينة الحب في رحلة بلا وجهة محددة.
فالشاعر هنا لا يبحث عن النهاية، بل عن الرحلة ذاتها، رحلة تفيض بالحرية والانطلاق ، ثم يتابع تصوير الحب كتيهٍ لذيذ فيقول:
نتيهُ في الحبِّ لا مرسى يُكبّلنا
كما يتيهُ سفينُ البحرِ في الزمنِ
وهنا، يبرز العشق كمساحة لا حدود لها، مثل البحر المفتوح الذي لا يعرف المرافئ.
فالحب عند شاعرنا لا يحتاج إلى نقطة وصول، بل يكمن جماله في التوهان الذي يحمل في طياته معنى الحياة.
ومن أعمق الأبيات التي تتحدث عن جوهر الحب، يقول شاعرنا:
مسافرُ البحرِ يشكو بُعْدَ موطنهِ
ومن يسافرُ في روحٍ ففي وطنِ
هذا البيت في قمة الروعة، يعكس فلسفة الحب عند المتعب، حيث يصبح الحبيب وطنا يحتمي فيه العاشق، ومساحة يجد فيها ذاته.
فالحب هنا ليس غربة، بل هو عودة إلى الروح وإلى جوهر الحياة.
كما أبدع شاعرنا الجميل في تصوير الصعوبات المرتبطة بالعشق حين قال:
نعومُ في الحبِّ إن عشنا بلا وهنٍ
وإن غرقنا فلا حبٌّ بلا ثمنِ
بهذا التعبير، يؤكد لنا المتعب أن الحب تجربة تتطلب الشجاعة والمغامرة، حتى لو كان الثمن الغرق.
فالعشق الحقيقي، كما يراه شاعرنا، يستحق التضحية مهما كانت الصعوبات .
قصيدة “لا مرسى يكبلنا” تزخر بالصور الشعرية المبتكرة التي تجمع بين البحر والحب في تناغم فريد. ومن أجمل التشبيهات التي أبدع فيها شاعرنا:
ملوحةُ الحبِّ والأمواج يعرفها
من غاصَ في العشقِ بالشريانِ والبدنِ
هنا، يظهر الحب كبحر مالح، لا يدرك أسراره إلا من غاص فيه بكل كيانه، ليصبح العشق تجربة متكاملة تشمل الروح والجسد.
وأما بيته الأخير، فهو خلاصة فلسفية عميقة و لوحده حكاية ، فعندما وصلت إلى هذا البيت:
لكلِّ روحٍ محيطاتٌ وأبحرةٌ
واللهُ يعلمُ مافي البحرِ من شجنِ
قلت بصوت عالٍ: “يقطع الحب وسنينه” لله درك، ما هذا الجمال أيها المتعب؟!
في هذا البيت، عبّرت عن أن لكل إنسان عوالمه الداخلية وأعماقه التي تحمل شجنه وأسراره، وكأن الحب تجربة فردية لا يدرك ماهيتها إلا الله.
حسن ناصر المتعب، شاعرنا المبدع الجميل، أخذتني بكلماتك هذه إلى عوالم من الجمال والشجن، واستطعت أن تجسد الحب كرحلة بحرية مليئة بالمغامرة، حيث تتقاطع الحرية مع العاطفة، ويتجلى العشق كحالة إنسانية سامية وفريدة.
إن شعرك، أيها المتعب متعب، لا يقتصر على كونه كلمات جميلة، بل هو إحساس ينبض بالحياة، وتجربة وجدانية تدعونا إلى التأمل في معاني الحب والعشق.
تحية تقدير من القلب لك، أيها الزميل العزيز، الذي يواصل إبداعه بقصائد تمس أرواحنا قبل عقولنا.
وإلى مزيد من التألق والإبداع في سماء الشعر ، وتقبل تحياتي.
أخوك العاشق المتقاعد/ أبو سلطان
أهلا بك أستاذ أبوسلطان
لك الشكر لك الشكر لك الشكر
يكفي أن تمر على أبياتي فتورق وتتورد يكفي أن تنثر عطرك فنتنفس القلم الراقي الصادق
أي كلمات تعجز عن رد جميل حرفك أخجلتني بكرمك ياكريم.