كُتاب الرأي

(صواريخ صعدة على تل أبيب )

محمد سعد الربيعي

(صواريخ صعدة على تل أبيب )

تحدثنا كثيراً عن ذيول ايران في المنطقة ، وقدرة طهران في توظيف هذه الذيول لخدمة نظامها المجوسي المدمر سواء كان ذلك على جانب نشر معتقدها الشيعي الخبيث ومده على المستوى الإقليمي والدولي ، أو على المستوى السياسي العسكري لتحقيق ماتهدف اليه ، وفق ماصرحت به أكثر من مرة حول إقتسام نصيبها من النفوذ في منطقة الشرق الاوسط ، وبالتحديد في الدول المجاورة لهذه الدولة التي لايؤمن جانبها ، وذلك في العديد من المقالات التي نشرتها صحيفة أخر اخبار الأرض .
بالطبع عملت ايران على هذا الملف منذ عشرات السنيين ، وهي تعمل لتحقيقه بسياسة متأنية ، أي أنها لاتستعجل النتائج ، وتتجاوز كل إخفاقات أو عوائق تحدث في أي دولة تريد إيجاد موطء قدم لها ، وتعيد الكرةِ مرة أخرى ومرات حتى أن تتشبث بالموقع فيها ! ولعل ماحدث في لبنان هو مثالاً جديراً بالإشارة لتلك السياسة التي ينتهجها هذا النظام ، وقد أوشكت هناك أن تستولي على هذه الدولة بواسطة ذيلها الكبير ، مايُسمي بحزب اللات الشيعي الذي وجد الأرض الخصبة له في بيروت بمساعدة وعمالة وشراء ذمم الكثير من السياسيين اللبنانيين .
في اليمن وهو موضوع مقالنا هذا قامت ايران ومنذ بدء ماتسميه ثورتها بالولوج لليمن ، وإيجاد الانقسامات  ، وتشجيع الشباب بالتوجه لقم ، وتسهيل دخولهم لايران ، وركزت في هذا الجانب على المكون الزيدي ، وخاصة على أهل صعدة من الحوثيين ومنحتهم الأموال التي كانو يفتقرون لها ، ودعمتهم مادياً داخل اليمن ، وركزت أيضاً على الجوف -عمران ، المحويت – وصنعاء ومحيطها في آب وذمار ، ودعمت ممن كانو يطلقون على أنفسهم كذباً لقب الأشراف من الزيود ، ومكنتهم من الوصول للوظائف المساندة القريبة من المسئولين في الدولة ، وعززت ذلك بقوة أثناء حكم عفاش لليمن الذي امتد لأكثر من ثلاثون عاما  ، حتى أن أصبح كل مسئول يمني وصاحب قرار يعمل بجانبه حوثي كمديراً لمكتبه أو مسئولاً عن تصريف أموره حتى في مكتب عفاش شخصياً ورئاسة دولته ! ، وهو ماسهل لهذه الفئة من تغلغلها في الدولة ، ناهيك بأن إغداق تلك الأموال لم يتوقف على زيود صعدة وصنعاء فقط ، بل إمتدت لكل المتنفذين في اليمن من سياسيين وغيرهم من شيوخ القبائل ، وخاصة حزب الاصلاح الذي يعد اليد الطولى في هذه الدولة ، وهو أيضاً مايمثل الدولة العميقة فيها ، ولا يمانع وفق تليين مواقفه من تسلم المال الحرام والموافقة على كل مايدمر اليمن ويُجهله ، ويديم أمد الحروب فيه للإستفادة المالية وإضرار دول الجوار ليس الا! .
قامت المملكة وعلى مدار كل تلك الأعوام بتحذير الجانب الشقيق اليمني من خطورة إبتعاث أو خروج بعض الشباب اليمني لطهران وقم ، وكذلك مايحيط باليمن من مؤمرات ايرانية داخلية في اليمن ، ودور ايران التخريبي في الساحة اليمنية  ، ولكن حكومة عفاش تحديداً لم تُلقي بالاً لتلك التحذيرات السعودية  بل قام عفاش شخصياً بدعم ذلك المكون الحوثي ، وإستخدمه كفزاعة ضد دول المنطقة، وبالتحديد المملكة ودول الخليج ، وإختلق صراعات وحروب صورية تنتهي بعد أن يحصل على المردود المالي منها! كما كان يقوم أيضاً بنفس السيناريو مع تنظيم القاعدة قبل ظهور داعش على الساحة في اليمن ، ويبتز امريكا والدول الاوربية ، وكذلك دول المنطقة حتى أن ملأ جيوبه وخزائنه بالمال الغربي والخليجي تحت إيماءات تمويهية فارغةٍ ومكشوفةٍ بصدقية محاربته للحوثيين والقاعدة على حدٍ سواء ، بينما كان يقوم بدعم تلك العناصر والجهات لذر الرماد في العيون ، ولإقناع تلك الدول بسلامة وضعه الذي كان منكشفاً ومعروفاً ، ولكن لغبائه وطمعه ، وقلة إدراكه ، وجهله ، وبأنه يستطيع الرقص على رؤوس الثعابين كما كان يزعم وقع في شر أعماله ، وسُحل داخل قصره ، ولازالت جثته مفقوده الى الان ممن كان يعمل على سرقة الدعم الدولي لمحاربتهم ! .
الشاهد ، وبعد هذه المقدمة التي تطرقت لها ، وللوقوف على عنوان المقال .. أقول أن صواريخ صعدة لاسرائيل هي مجرد إطلاق بالونات لاتقدم ولاتؤخر في تغيير موقف اسرائيل من الحرب التي شنتها على غزه ، ولبنان ، وسوريا بسبب ماسُمي بطوفان الأقصى الذي تورطت به جماعة الاخوان المسلمين في هذا القطاع الصغير الذي تديره حماس ، بإيعازٍ ايراني ونتج عنه مانتج ، وتُركت حماس من ايران كما تُرك حزبها في لبنان .
وتحليلي لما يقوم به الحوثيين في اليمن هو إمتداد لسياسة ايران ، ومحاولة منها ( ايران ) لتحقيق أي أهداف سياسية في هذه الدولة المعروفة بعدم صدقية سياسييها ، وهو ما إستغلته ايران ، وأوجدت الكثير من الثقوب في جسم هذه الدولة السياسي ، وهي تراهن على هذا المكون الزيدي الذي يمثل نسبة كبيرة من شعب اليمن ، ويتواجد بكثافة في الهضبة الزيدية التي تحكم اليمن منذ الأزل ، ولاتعطي فرصة للغير بذلك أي حكم اليمن ! ، ومايحدث الأن من مواجهات ايرانية امريكية في اليمن ماهو الا أحدى تلك الوسائل أو الطرق التي تنتهجها  ايران لفرض إرادتها فيه ، والخروج بنتيجة ٍ مرضية لها مع أمريكا تحقق من خلالها نجاح برنامجها النووي أو جزء منه ، وهي بذلك سَتدعي انها تركت الحوثي ( تقيةٓ) !
مايحدث من إطلاق صواريخ على اسرائيل لايعدو عن كونه تسجيل موقف ، وكسب وضع سياسي قد يصل في نهايته تسليم اليمن للحوثيين ، وربما هذا من ضمن ماسيصل له الامريكان والايرانيين ، وقد يدخل هذا الجانب ( الحوثي ) في المحادثات لاحقاً ، وخاصة في ظل هذا الهجوم الأمريكي على كهوف صعدة ، والتي ربما لن تأتي بحلول جذرية مالم يكن هناك هجوماً برياً لهزيمة الحوثيين ، يتزامن ذلك في ضياع ماتسمى الشرعية وحكومتها في اليمن ، والتي لازالت تتأرجح بين كل مسئول عديم القدرة في انجاح عمل هذه الحكومة التي تديرها الدولة العميقة في اليمن ، ولاتريد انتصارها على الحوثيين حيث يُشاهد التقاعس بل الركون المخيف لجيش اليمن الشرعي في عدم الأخذ بزمام المبادرة وتحرير اليمن من القبضة الحوثية.
إن اسرائيل شريكة في هذا التماهي مع اليمن وايران ، وصواريخ اليمن هي أحد هذه السيناريوهات وربما ذلك يأتي بتوجيه أمريكي ، حيث لاترى فيها خطورة على الوضع في اسرائيل ، بينما هي تحقق أهداف امريكية في المنطقة من خلال هذا المكون الحوثي ، وتتطابق فيها وجهات النظر مع طهران ، وكذلك مع تل أبيب وفق منظور ربما يكون بعيداً في المنطقة بشكل عام .
وكنتيجة أقول أن ايران لن تترك اليمن ، وخاصة وهي تعرف أنها بهذا المكون ستزعزع الامن في دول الخليج ، وتحديداً المملكة حيث ترى فيها أنها الدولة الوحيدة التي تقف في وجه كل مشاريعها من مدٍ شيعي ، الى توسع إقليمي ودولي ، وهي ترى فيها أنها العدوة الاولى لها رغم كل الممارسات التي تتخذها في الجانب التقوي ( التقية) لها!
وبناءً على ذلك فإنه يجب على دول  الخليج ، والمنطقة بشكل عام الحذر من ايران ، وإعادة النظر في شرعية اليمن المهترئة ، وإيجاد البدائل المناسبة التي تستطيع  تحرير صنعاء وفكها من الربق الايراني الحوثي،،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى