كُتاب الرأي

قمة التحالفات

محمد سعد الربيعي

قمة التحالفات

لم تألُ الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، وقيادة دولتنا الحكيمة جهداً، في العمل ليل نهار لإيجاد الفرص وتهيئة الحلول التي تُمكّن الفلسطينيين من الحصول على دولتهم. هذه الدولة التي واجهت وتواجه استعصاءً على الحلول لأسباب سياسية وقيادية فلسطينية وتعنت إسرائيلي في منحها حق تقرير المصير والاعتراف بها، حيث لا تزال ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من ثمانين عاماً.

منذ بداية ما سُمي بطوفان الأقصى، وما قبله بكثير، والمملكة لم يهنأ لها بال، وخصوصاً بعد طوفان الأقصى، إذ قامت بعقد القمم وإقامة التحالفات ورئاسة اللجان، وتخللت ذلك زيارات لمختلف عواصم العالم، ومنها العواصم المؤثرة، وما زال استنفار المملكة قائماً على قدم وساق من أجل تسوية القضية الفلسطينية وإيقاف الحرب في غزة التي تورطت فيها حماس بإيعازات وإغراءات إيرانية، ما لبثت أن انكشفت مع بداية الحرب الإسرائيلية على أهالي القطاع الغزاوي المكلوم، الذي يتعرض الآن لأبشع جرائم الحرب تحت أنظار العالم، بما فيها طهران.

هذا اليوم، الأربعاء، ستجتمع ما يزيد عن ثمانين دولة في عاصمة القرار السياسي (الرياض) في تحالف دولي تقوده المملكة. هذا التحالف يُعد من ضمن التحالفات الأخرى والنشاطات التي تسعى المملكة وقيادتها الحكيمة من خلالها إلى تجنيب فلسطين والعرب والعالم المزيد من المعاناة، ولإيقاف نزيف الدم في غزة، والعودة إلى طاولة المباحثات لحل القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطين على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية. بذلك، تتجه المنطقة إلى نبذ الحروب والاهتمام بجوانب الرخاء وخلق فرص اقتصادية تهدف لرفاهية شعوبها.

تتطلع المملكة وهذه التحالفات الدولية إلى إيقاف حرب غزة وتحقيق حل الدولتين. كما أن هذا الجهد الدولي، بقيادة المملكة، يحتاج إلى دعم من العواصم العالمية المهمة، وعلى رأسها واشنطن، التي لديها القدرة على وضع الحلول وإقناع الجانب الإسرائيلي بالعودة إلى طاولة المباحثات لتحقيق حل الدولتين وفق القرارات الدولية وقرارات هيئة الأمم المتحدة. وكذلك الأمر بالنسبة للندن وباريس وموسكو والصين، وغيرها من الدول المؤثرة في العالم، والتي ينبغي عليها إعادة النظر في سياساتها وممارسة ضغوط على إسرائيل لقبول حل الدولتين.

كما يجب أن يصاحب هذه الجهود الدولية جهد فلسطيني في دراسة الحلول المقترحة، وعدم تفويت الفرص كما حدث في الماضي، مع توحيد الرؤية الفلسطينية حول كيفية التعامل مع هذه المبادرات الدولية. ومن المهم أيضاً أن يتحلى الموقف الفلسطيني بالاستقلالية بعيداً عن الارتباطات الإقليمية التي قد لا تصب في صالح القضية الفلسطينية، كما حدث مع إيران تجاه حماس وبعض الأنظمة التي تحتضن بعض قيادات الحركات الفلسطينية، مثل سوريا وغيرها من الدول العربية التي تلعب أدواراً قد تكون مضرة وتؤدي إلى فقدان فرص حل قضية فلسطين.

ومن الضروري أن تترافق هذه الجهود مع أدوار مهمة لبعض العواصم العربية كالقاهرة وعمان وبعض العواصم الأخرى، لتتواءم مع هذه المساعي الدولية وجهود المملكة في سبيل حل القضية الفلسطينية والاعتراف بها دولياً، وفق الرؤية التي تسعى إليها المملكة لصالح القضية.

إن على السلطة الفلسطينية (منظمة التحرير) أن تلعب دوراً في توحيد الشعب الفلسطيني وبناء ائتلافات داخلية بين مختلف الفصائل، لتعمل بجهد يتوازى مع ما تبذله المملكة والقاهرة وعمان في إيجاد حلول لهذه القضية، وتتشجع للجلوس على طاولة المباحثات واتخاذ القرارات الصائبة التي تدعم هذه الجهود الدولية، وتعود بالنفع على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى