*{ يَا دَمْعُ }*

شعر د.مروان المزيني
*{ يَا دَمْعُ }*
لِمَ خُـنْتَنِي يَا دَمْعُ بَيْنَ أَحِبَّتي
وَمَضَيْتَ تَجْري دُونَمَا اسْـتِئْذَانِ ؟!
وَنَزَلْتَ مِنْ عَيْنِي عَلى خَدِّي وَلَمْ
تَحْفَظْ عُهُودَ السِّـرِّ وَالكِتْمَانِ
لِمَ خُـنْتَنِي وَكَسَرْتَ أَسْـوَاراً بِهَا
أَوْدَعْتُ مُرَّ الصَّبْرِ فِي أَجْفَانِي ؟!
أَوَ لَمْ تُعَاهِدْنِي بِأَنْ نبْكِي إِذَا
كُنَّا سَـوِياً دُونَمَا أَقْـرَانِ ؟!
***
يَا دَمْعُ يَا خِلاَ عَرَفْتُ وَفَاءَهُ
مُذْ صَاحَبَتْنِي حَسْرَةُ الأَشْجَانِ
كَمْ مِنْ لَيَالٍ كُنْتَ لِي حُضْناً بِهِ
أُفْضِي بِمَا قَدْ فَاضَ فِي وُجْدَانِي
أُخْفِي النَّحِيْبَ لِكَيْ أَصُونَ كَرَامَتِي
وَالآهُ فِي صَدْري تَهُزُّ كَيَانِي
وَسِيَاطُ آلامِي تَنَالُ مَشَاعِري
وَنَزِيْفُهَا يَسْرِي بِلا وُدْيَانِ
حَتَّى إِذَا هَدَأَ الأَنِيْنُ تَقَهْقَرَتْ
وَيَسُودُ وَجْهُ الصَّمْتِ فِي الأَرْكَانِ
فَأُجَدِّدَ العَهْدَ الذِي هُوَ بَيْنَنَا
أَحْمِيْهِ مِنْ ضَعْفٍ وَمِنْ خُذْلانِ
وَأَعُـودُ أرْسُمُ بَسْمَةً أَمْحُو بِهَا
آثَارَكَ الحَرَّى لِكُلِّ عَيَانِ
أَمْضِي وَفِي ثِقَتِي بِأَنَّكَ حَافِظٌ
مِيَثَاقَنَا المُمْتَدَّ فِي الأَزْمَانِ
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ تَعْتَرِيْكَ غِوَايَةٌ مَنَافِذٌ
تَهْوِي بِصَبْرِكَ دُوْنَمَا حُسْبَانِ
وَوَقَفْتُ أَزْعُمُ أَنَّنِي مُتَمَاسِكٌ
لا أَنْثَنِي لِلدَّمْعِ فِي أَحْزَانِي
وَبِأَنَّنِي جَلِدٌ وَعِنْدِي شِدَّةٌ
وَبِأَنَّنِي مِنْ أَشْجَعِ الشُّجْعَانِ
لَكِنَّ مَوْجَكَ قَدْ تَلاطَمَ فَجْأَةً
فَتَكَسَّرَتْ سُفُنِي عَلى شُطْآنِي
وَهَوَتْ قِلاعُ الصَّبْرِ ثَكْلَى تَشْتَكِي
مِنْ غَدْرِكَ الآتِي بِدُونِ أَوَانِ
لِمَ خُنْتَنِي يَا دَمْعُ كَيْفَ خَدَعْتَنِي
وَجَعَلْتَنِي أَبْكِي كَمَا الصَّبْيَانِ ؟!
وَكَشَفْتْ لِلْأَعْيَانِ أَنَّ بِدَاخِلِي
قَلْباً رَقِيْقاً فَاضَ بِالتَّحْنَانِ
وَبِأَنَّنِي مَا كُنْتُ إِلاَّ بَسْمَةً
تُخْفِي الدُّمُوعَ بِثَغْرِهَا الفَتَّانِ
وَبِأَنَّنِي الإِحْسَاسَ فِي نَبَضَاتِهِ
يُجْرِي دُمُوْعَ العَيْنِ فِي التِّبْيَانِ
لِمَ خُنْتَنِي وَمَلَأْتَ جَوْفَ مَحَابِرِي
دَمْعاً يَخُطُّ إِلى الزَّمَانِ بَيَانِي
***