نادي القصة

قهوة باردة

نعيمة البدراني

كان يتأملها بإعجاب وكأن الدنيا خلت من النساء ولم يبقَ سواها تمشي لجواره
فاقها طولا وعرضا حتى كاد فارق العمر بينهما أن يختفي، أو ربما يكبرها عمراّ.
محتشمة ولا يظهر منها سوى عينين تزينت بكحل أسود لايفارق جفنيها يوحي بنظرة امراة تتحدى السنين ، بحضور طاغي، جمع بين الحشمة والأناقة
بعباءة سوداء وحذاء وحقيبة بلون واحد وداكن
خطوات ثابته حتى وصلت المقعد الذي سبقها إليه وأشار تفضلي .
كان المكان ممتلىء بالشباب ذكور وإناث، وكأن لاعمل لهم هذا ماهمست به وهي تجلس.
قبلت دعوته لكوب (v60 )قبل الذهاب للعمل
وهو على السمع والطاعة في الربع الساعة التي سمحت له أن يلتقيها فيه.
يناولها زجاجة الماء والمنديل ،ويغريها بالسُكّر الذي ترفضه.
بالرغم من امتلاء المكان بالحسناوت لم ينظر لأحد ولم ينشغل عنها ، واستجاب للهدوء الذي طغى
لاصوت ،مجرد همس و عطور مختلطة برائحة القهوة وأعين تتبادل النظرات والبسمات وهو
ينتظر أن تنهي قهوتها السوداء الباردة التي اختارها وقبلتها
ومع أخر رشفة غمز لهاضاحكا كيف القهوة ؟؟
قالت : تعودتُ أن أجرب كل ماتنصحني به
تعلم كم أثق بك.
فما العجب لو شربتها باردة لأجلك؟
قال: لم لاتستجيبين؟
قالت منزعجة تأخرتُ
نهضتْ وقد علا صوتها
امتص غضبها بقبلة على يدها
رغبت بالمغادرة أسرع قبلها وفتح لها باب المقهى بابتسامة ووجه بشوش وترانيم بلا معنى جعلت من حوله يحدق به ، كان يخفي الحرج الذي وقع فيه ، ظهر كشاب يتودد لفتاه.
في السيارة كانت تنظر لساعتها ، كل دقيقة
قال: كُفَي عن هذا القلق .
مازال الوقت مبكرا على حصتك الأولى يا أستاذة
فكري فيما طلبته منكِ ….لأجلي
من أجل راحتك .
يكفي مابذلتيه من جهد
لو لم يكن لديك عمل لقضينا وقت أطول في التسوق والإفطار والتنزه وحتى السفر
قالت ضاحكة وإن كان أين المال؟؟
قال: لنا رب كريم
أدارت قرص أمامها تبحث عن صوت يسكت هذا الحديث الذي مللته يوميا ،تريد برنامج الصباح غالبا مايكون عن النشاط والتفاؤل وحب الحياة وإيجابيات العمل .
قال: عمّ تبحثين؟؟
عرف أنها تريده أن يصمت عن موضوع (التقاعد) الذي آن كما يرى ، وهي ترى أن في عمرها مجالا للعمل ، والعمل .
وصلت ، وارتجلت لباب المدرسة ولوّحت له بمعنى أراك ظهرا.
تمتم بكلمات ودعاء مع قبلة أرسلها في الهواء حفظكِ الله يا أمي.

مؤلفة وكاتبة وقاصة

نعيمة محمد البدراني

كاتبة رأي و خواطر وقصص

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى