كُتاب الرأي

الأمهات لا يموتون

الكاتبة: زينب إبراهيم فلاتة

يوم مختلف وهو ذلك اليوم الذي غيب فيه الموت امي
بدأت الحكاية عندما قرر الاطباء بضرورة اجراء عملية قلب مفتوح لتغيير صمامات وتركيب دعامات
العملية صعبة جدا خصوصا مع تقدم امي بالسن ولكن تعبها ومعاناتها كانت أصعب من العملية
التنفس صعب
المشي صعب
الحركة صعبة
أخبرنا الطبيب لا يوجد حل سوى العملية وإلا ستسقط ميته في اي لحظة …
كان وضعنا نحن الأبناء صعب جداً ولكن أمي قالت: أنها موافقه على إجراء العملية لأنها استخارت وتوكلت عليه سبحانه.
وبالفعل ذهبنا بها إلى مركز القلب كانت أيام صعبة تلك التي قضتها في المستشفى حيث وافقت فترت بعد الحجر ( كورونا) الزيارة غير مسموح بها إلا لعدد محدود وبصعوبة ومدة الزيارة محدودة جداً من يدخل يخرج سريعاً حتى يدخل غيرة
استمر الحال تقريباً أسبوعين تمت خلالها الفحوصات والتحاليل اللازمة أخبرنا الطبيب بأن كل شي على ما يرام وانه لا يوجد اي خوف من العملية وستمضي بسلام بأذن الله
في فجر ذلك اليوم تم تجيزها للعملية قال لنا الطبيب مدة العملية خمس ساعات ستدخل الساعة الثامنة صباحا وبإذن الله تنتهي الساعة الثانية عشر ظهراً والحمد لله كل الأمور مطمئنة.
قبل العملية اتصلت بها أسألها عن حالها واستعداها للعملية قالت: أنا بخير ومتوكلة على الله والأن أنا على السرير إلى حجرة العمليات قرأت أذكاري وفوضت أمري إلى الله، كانت هذه كلماتها … قالت لي: مع السلامة سيدخلونني إلي غرفة العمليات قلت : لها استودعتك الله وأنت استودعي نفسك فودائع الله لا تضيع… انتهت المكالمة وبقي الانتظار دقائق عنيدة نامت وأبت أن تتحرك ، وقت ثقيل يرافقه ملل الانتظار وتزاحمه مشاعر الرهبة والخوف والرجاء.
أخيرا دقت عقارب الثانية عشر وهو الموعد المحدد لخروجها من العمليات … ولكن لم تخرج ولم يخرج أحد حتى نسأله ، انتظرنا إلى الساعة الثانية بعد الظهر خرج طبيب ليخبرنا بأن أمنا بخير ولكن عمليتها لم تنتهي بعد لأنه حدث طارئ أثناء العملية بإذن الله بعد قليل ستخرج !!
استمر الانتظار الى الساعة الخامسة عصراً ولم تخرج أمي أنا واخوتي ننتظر و نترقب ولكن لا خبر … بعد نقاش خرج الطبيب ليخبرنا أن حالتها حرجة بسبب تضخم عضلة القلب وعدم استجابتها للعلاجات وانهم مضطرين لإيقاف العملية ثم اكمالها في وقت اخر … رحماك ربي … لطفك يا رب
عدنا الى منازلنا عشاء باكين متوسلين، لله ضارعين وعليه متوكلين … على أن نعود صباحاً لنتحسس عنها.. ولكن قبل بزوغ الفجر رن هاتفي حدثتني أختي أنفسها تصارع صرخاتها ماتت … ماتت ، توقف الزمان صرخت وبكيت الأرض لا تحتمل ثقل أقدامي
توالت الأحداث دخلت في حالة صعبة جداً ذهول في نفسي سؤال: ماذا بعد أمي … اي حياة أي لذة أي… وأي
انتهى عذاء الناس
ولكن نفسي أنّا لها العزاء وأنّا لها السلوان
كنت ادعوا الله يا رب صبراً يا رب جبراً فالمصاب جلل
كل من فقد أمه يعلم أن فقد الأم موجع ومؤلم ألم فقد الأمهات يسري في العروق ويكسر الضلوع يدمي القلب.
ذهبت وتركتنا بجسدها ولكنها باقية في دواخلنا باقية في ذكرياتنا حية في مشاعرنا نعم هي ذهبت ولكنها لم تمت ، فالأمهات لا يموتون.

كاتبة رأى

 

‫2 تعليقات

  1. الامهات لا يموتون نعم الأمهات لا يموتون هي باقية في دمائنا في عروقنا في دموع مآقينا باقية تتمشى في دمائنا وعروقنا إلى أن نلقاها في جنات الخلد

    ابنتها المشتاقة لحضنها لضحكات ثغرها لدعواتها وهمسات حنينها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى