الصمت حكمة

قديماً قيل : اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، وخير الكلام ما قل ودل، ولسانك حصانك، ورب كلمةٍ قالت لصاحبها دعني، والأمثلة التي تحث على ضبط اللسان وتهذيب الكلام كثيرة ولذلك من الأفضل أن يستمع الشخص أكثر مما يتحدث ثم إذا أراد التحدث فعليه أن يتحدث فيما يجيد التحدث عنه.

ونحن في هذا المقال بصدد الحديث عن الصمت عن الجدال الذي لا طائل من ورائه سوى إيغار الصدور وكثرة الخلافات وبالتالي قطع العلاقات.

ومن المعلوم أنه ليس کل صامت عاجز عن الرد بل الكثير قادر وربما لديه الرد المفحم ولكنه يتنازل حتى لا يجرح الآخر أو يؤثر على صحبته أو أقاربه أو من يمت بصلة له .

 وهناك من يصمت لأنه يتألم مما سمع وکلامه سيزيده ألماً أو يسبب له مشكلة أكبر ولأنه يعلم أن الكلام الجارح أشد وقعاً على النفس من حتى العقاب الجسدي أو المادي ولذلك يتحاشاه .

وهناك من يعلم أن الكلام لن يفيد إذا تجادل مع الطرف الآخر ولو كانت مجادلته بالحكمة لأن الآخر لن يتغافل أو يغض الطرف أو يستجيب للحكمة والمنطق بل سيقابل الصوت بالصوت وتزيد الفجوة وقد يصلون لمرحلة العراك والتشابك.

وهناك من يصمت وقت غضبه حتى لا يخسر أحد، وهذا هو صمت الحكمة الذي يعادل الذهب أو يزيد حيث أن الصامت كظم غيضه وراعى مصلحة نفسه ومصالح الآخرين معه وترك الفرصة لتأنيب الضمير والعدول عن الخطأ ومن ثم الإعتذار عنه .

أما الصمت الأعظم فهو صمتك كي ترتقي بنفسك وأسلوبك وأيضاً ترتقي بأسلوب المتحدثين والمستمعين معك حيث أنك ترسم لهم أدب الإستماع وأدب الحوار وسمو الأخلاق والبعد عن سفاسف الأمور .

الخاتمة:‏ لا يوجد أحد لا يخلو من ضغوطات الحياة ، فنحن نعيش على أرض أعدت للإبتلاء ولم يسلم منها حتى الأنبياء ، فشكرا لمن تغافل عن الرد على كل مجادل وشكراً لمن تغافل عن الرد على كل مسيء وشكراً لمن التمس لنا العذر قبل ان نعتذر ، ولمن قدّر اوضاعنا قبل ان نشرحها ، ولمن احبنا رغم عيُوبنا.

عبدالله بن سالم المالكي

كاتب رأي ومستشار أمني