*”حين تصل بصدق”*

الكاتبة/ زايده حقوي
*”حين تصل بصدق”*
القلب ليس قفلا حديديًا يحتاج مفتاحًا نادرًا، ولا طريقًا متشابكًا مليئًا بالعوائق. القلوب تُفتح بالصدق، وتطمئن بالإحساس، وتُبنى على نبضات صغيرة، لا نراها لكنها تصلنا بهدوء فنشعر بها، كنسمة عابرة تحمل معها دفء العالم كله.
حين تجلس مع شخص يعاني، لا تتحدث، فقط استمع. ضع يديك فوق طاولة الصمت، وتأمّل بعينيك للحديث الذي يسكن بين كلماته. ستشعر بنبضه بدأ يهدأ، وكأنك كنت مظلته تحت مطر غزير. أو كُراسته التي امتلأت بحبر قلمه.
الإصغاء الحقيقي ليس بالأذن فقط، بل بالحواس كلها، والقلب دائمًا يعرف متى يكون حاضرًا.
في العلاقات، نعتقد أحيانًا أن المشاعر واضحة، وأن الكلمات زائدة عن الحاجة وأننا نعرف كل شيء، لكن هل جرّبت يومًا أن تقول: “شكرًا لأنك هنا”، أو “وجودك يغيّر كل شيء”؟ هذه العبارات الصغيرة ليست مجرد كلمات، إنها يد خفية تُمسك بقلب الآخر وتُظهر له أنه مهم. الحب يُقال قبل أن يُفهم، ويُسمع قبل أن يُشعر به.
وعندما تتصادم الآراء، لا تتسرع في الدفاع عن نفسك، بل أنصت قليلًا، ففي بعض الأحيان يكفي أن تقول: “أنا أُقدّر ما تشعر به، حتى لو كان مختلفًا عني.” في لحظات الاختلاف، الاحترام هو الحبل الذي يبقي القلوب مربوطة، حتى لو كانت المسافات تتسع.
أما الصدق، فهو أعظم هدية يمكن أن تقدمها لأي علاقة. أن تكون صريحًا يعني أن تكون شفافًا، أن تترك الآخر يراك كما أنت، بلا أقنعة، بلا زيف. الصدق ليس دائمًا سهلًا، لكنه دائمًا يُثمر.
ولماذا نهمل التفاصيل الصغيرة؟
تلك التفاصيل التي تُظهر للآخر أنك ترى كل ما يغفل عنه الجميع، وتُقدس أبسط أشيائه. كأن تتذكر فنجان القهوة الذي يحبّه، أو الوردة التي تشبه يومه، أو المرّةُ التي تحدّث فيها عن حُلمِه الصغير.
التفاصيل ليست أشياء مادية، إنها قطع من الروح “تبقى في الذاكرة دائمًا.”
القلوب تختلف، كما يختلف العشاق. هناك من يُحب بالكلام، وهناك من يُفضل الصمت، هناك من يُقدّم الهدايا، وهناك من يُسخّر وقته. المهم أن تتقبّل الآخر كما هو، أن تحب طريقته حتى لو كانت بعيدة عن طريقتك. لأن الحب ليس محاولة لجعل الآخر يشبهنا، بل هو الاحتفاء باختلافه.
الطريق إلى قلب الآخر ليس طريقًا طويلًا شاقًا، إنه بضع خطوات صغيرة، تبدأ بنيّة صادقة، وإحساس يُشبه ضوءًا دافئًا في ليلة باردة.
كل كلمة، كل نظرة، كل لحظة تحمل فيها همّ الآخر وكأنه همّك، هي خطوة نبدأ به هذا الطريق. وحين نصل، نجد أنفسنا قد صرنا جزءًا من قلبه دون أن نشعر، فكما أن الحب جمال الحياة ورونقها فالصدق أزهاره، والمشاعر أوراقه.
كاتبة ومؤلفة وقاصة
عندما تكتبين يصل
للقلب كل الكلمات سيدتي
الكاتبه
شكراً لقلمك الباذخ
👍👍👍