كُتاب الرأي

الأمل القتيل

 

بقلم/ د. شادي الكفارنة.
كل إنسان له أمنيات يرجو أن تتحقق، ويتمنى أن تَحصل، ويَترقب أن تحدث؛ ولكن في الحرب التي عشناها في غزة تعرضت أمنياتنا لخيبات أمل شعرنا بنكبات جريحة، ونكسات كسيحة، ولقد عَلم الأفاكون بالقول والمنافقون بالعمل والمجرمون بالسلوك بقوة الأمل فاحتشدوا لقتله حتى يفنى مطروحًا مدفونًا بلا رجعة ، لكن التساؤل .. من الذي قتل الأمل؟ هل الحقد الذي قتله؟ وكيف قتله ؟ ولماذا تم قتله؟ وبأي أداة جريمة تم قتله؟ وأين مسرح الجريمة ؟ وهل اكتملت أركان الجريمة؟
هل تعاون الحقد مع اليأس والبؤس والإحباط لقتل الأمل؟ ولماذا اشترك الجميع وكوّنوا تحالفًا قويًّا ضد الأمل؟ ولمصلحة من تم قتله؟
دمروا أحلامنا اغتصبوا طموحاتنا انتهكوا خصوصياتنا ضيعوا مستقبلنا جمدوا مشاعرنا كلسوا أحاسيسنا صندقوا أفكارنا أبعدوا طيفنا غيروا معالمنا قتلوا آمالنا بكل أشكال العنف وأنواع الجريمة؛ ليفنى الحب من واقع الأملِ، ويطرد من مدرسة التفاؤلِ.
إن من يدّعون حماية حقوق الإنسان غابوا عما يحدث ؛ وهم في الحقيقة الواقعية غير منصفين للحقوق ، وإنهم كثيرون على قيد الحياة قليلون منهم على قيد الإنسانية ، يدّعون بشعاراتهم المساواة، ولكنهم الأقل مساواةً والأكثر ظلمًا، ينادون بالعدل ولكنهم الأقل عدلًا والأكثر عنصرية، لقد وضعونا في عالم مملوء بالظلم، يُحاسب الناس على ضمائرهم، يُعاتب الناس على وجدانهم، يُحاكم الناس على فكرهم، يُسجن الناس على أحلامهم، يُعاقبهم على طموحاتهم، ويُقتل انتماءاتهم ، يا لك من عالم !! قاتل للحب وقاهر للود وناكر للصلحِ و ناقض للعهدِ ورافض للسلمِ وناقص للعدل وناقل للحرب، كيف لك أن تقتل الأمل وهو ليس ملكك؟
يا أصحاب العقول النقية في هذا العالم أعيدوا لنا أملنا، لا تقتلوه في قلوبنا ؛ لأنه ملك الأنفس النقيّة والعقول الذكية ، فمهما كانت الظروف وحجم المخاطر والتحالف الماكر والتعاون الغادر، سيبقى الأمل طريق النجاح ورسالة للنجاة وعنوان للتقدم ونموذج للنمو ومسلك التغيير والتطور ، وإننا يجب علينا أن نحيي الآمال ونجعلها قويةً ضد الحلفاء، ونعيش الحياة بالأمل ولا نقتله لنصبر ونصبو إلى الحياة ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا .

كاتب صحفي و باحث فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى