كلام في الحق

كلام في الحق
د.هشام محفوظ
استوقفتني كلمة في سورة العصر حيث يقول الله جل وعلا:
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
هذه السورة العظيمة مع قصرها قد اشتملت على بيان أسباب الربح في الحياة وأسباب الخسران، فالرابحون هم الذين تخلقوا بهذه الأخلاق ومن بينها الحق “وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ”
الحق ، كلمة جليلة عظيمة شغلت العامة والمققفين، والقانونيين والعلماء والعارفين ، والفلاسفة في عديد من التيارات الفكرية والفلسفية ، والشعراء والأدباء والساردين من ذوي الأقلام الحكائية المدهشة .
ويبقى “الحق” بين الأقلام المنظّرة له والمنافحة عنه في كوكب سامق مرتفع لجلال قدره، وعظمة مكانته .
أقول هذا عن الحق محذراً من أن يدعي أحد أنه صاحب حق معين وهو حق للآخرين ، وليس له !
ولذلك قيل :
“الاعتراف بالحق فضيلة ”
وهذا من أجل و أعظم وجوه المسكوت عنه في الحق ؛ أن نمارس الحق في الحياة في تعاملاتنا بسماحة.
والحق في الفن يتحايث في الخيال والتصورات . ومن ثم يبدع أهل الفن والإبداع في ضوء معرفة أصول وقواعد كل فن واستشراف جمالياته السارية في مكوناته وفي إبداعات السابقين التي تسري في بنياته كما يسري الماء في عروق الشجر وفي أوراقه .
ولنا أن نعلم أن الحق رفيق الصبر و الخير والجمال . فالحريص على أن يؤدي ما عليه من حقوق متسامحا مع الآخر ، إن ظن أو تيقن من أن حقه قد ذهب إلى هذا الآخر، هنا يكون صاحبنا المتسامح ممن يمارسون الجمال و الخير في صوغ الحق داخل سياق التعامل ومعاملة الآخرين .
وهنا نجد في آيات كتاب الله سندا للمتسامحين”فمن عفا و أصلح فاجره على الله” .
فالحق جميل ، والتسامح في الحق أجمل ، والحقيقة جميلة أيضا ، الحق والحقيقة معا يشكلان وحدة لا تقبل انفصاما، مثل الوردة التي لا تكون إلا بعطرها و بجمالها ولا معنى لها خارج تلك الحقيقة التي نراها بأعيننا وما نشمه من شذاها .الوردة حق وحقيقة . الشعر الحق حق وحقيقة .
سعادتنا أن نكون بالحق الجميل في جمال الحق . نقرأ الحق في كتاب الله الذي قال “وبالحق أنزلناه وبالحق نزل” .
تدارسك الحق مع نفسك يكسبك المصداقية، يهدي إلى الإخلاص في أداء المهام التي يجب عليك أداؤها في الحياة .
ولكي تهنأ قلبا وحياة ، انشغل بما عليك من حق وواجب تجاه الآخرين ، قبل أن تنصرف بملكاتك و مشاعرك و أفكارك بحثاً عن حقك ، فلربما أضعت حقك وأنت تهمل أداء حق وجب عليك تجاه جار لك أو صديق أو زميل في العمل أو تجاه مجتمعك أو تجاه ربك الذي أوصانا في كتابه العزيز
بقوله إن نجاة الْإِنْسَانِ من الخُسْرتتحقق إِذا كان من “الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
صدق الله العظيم…