( آخر ما زعمَ الفرزدق )

زعمَ ( الفرزدقُ ) أنني
داهنتُ في شرفِ القصيدةْ
زعمَ ( الفرزدقُ ) أنني
ساومتُ كلَّ رواتِها
خاتلتُ لونَ جهاتِها
وانحزتُ للقُرَنِ البعيدةْ
من أولِ الشعراءِ
محرابي المُشَرَّعُ للغِنا
واللحنُ مئذنتي الوحيدةْ
والليلُ نافلةُ الخريدةْ
عُمُرِي دخانُ الشعرِ
معتكَفي ضميرُ الفجرِ
مزدَلَفي بناصيةٍ وحيدةْ
لم يدَّخِرْ ( قيسٌ) لِ( ليلى )
في الهوى إلَّايَ
من ولَهِي تَقَبَّسَ عِشْقَهُ
وأنا دمُ المعنى الذي
اجترحَ الجوى
واجتازَ مُقتحما وريدَهْ
لا جرحَ في ندمي
ولا ياقوتَ في قِدَمِي
ولا ميزابَ في قدري
سوى وَتَري
الذي ينسابُ في
رَحِمِ النشيدةْ
ويفُضُّ غربَتها الأبيدةْ
وحنينُ آنيتي
إلى الثلجِ المعتَّقِ
شهوةِ الجمرِ المعلَّقِ
في السَّديمِ البكرِ
والشفقِ المُمَنطقِ
بالمجازاتِ الشريدةْ
يا كُلَّ غانيةٍ عنيدةْ
لُمِّي غرامَكِ
وانثريني مرَّةً
أو مرَّتينِ
إليكِ أرجِعُ لهفتينِ
فكرِّرِيني مهجتينِ
يبوؤُني
كَلَفٌ من الحِقبِ التليدَةْ
وبقيةٌ من آلِ أُغنيةٍ جديدةْ
ألقَتْ على نزَقِ ( الفرزدقِ ) نايَها
وتوسَّلَتْ من كأسِ ( جُندُحَ ) آيَها
وتَلَتْ على قبرِ ( المُنخَّلِ )
وِرْدَ جُنحَتِها العديدةْ
وهناكَ جاءتْ بي
لتُرهِقَني
وجئتُ بها هنا
إلَّا لِأُهرِقَها
وأقترفُ القصيدةْ
شعر / جبران محمد علي قحل
رائعة أ. جبران هذه النقلة نحو تلك العصور الأدبيَة التي
عشناها مع الشعراء والقصائد
خلقت التشويق لأكمل بقية القصيدة
تحية لجمال قريحتك وتحيَة لك
امتناني الوارف لحضورك البهي