اليوم الوطني السعودي .. مسيرة مجد ومستقبل

تركي عبدالرحمن البلادي
اليوم الوطني السعودي .. مسيرة مجد ومستقبل
في تاريخ الامم محطات خالدة تظل تنبض بالحياة جيلا بعد جيل واليوم الوطني السعودي واحد من هذه المحطات الفارقة اذ يمثل نقطة تحول كبرى في مسار الجزيرة العربية حين ارتفعت راية التوحيد على ارضها وتوحدت القبائل والمناطق تحت كيان واحد متماسك يحمل اسم المملكة العربية السعودية
اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى سنوية عابرة بل هو رمز عظيم لمعنى الوحدة والتلاحم وقصة نجاح كتبها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود طيب الله ثراه حين قاد مسيرة التوحيد بالشجاعة والبصيرة والرؤية فانتقل بالبلاد من حالة الفرقة الى كيان مستقر راسخ ينهض على اساس راسخ من الايمان بالله والعدل والشريعة
وحين نتأمل هذا اليوم نجد ان قيمته تتجاوز الاحتفال الرسمي والاعلامي لتصل الى عمق الوعي الجمعي فهو يوم يذكرنا كيف ان الوحدة قوة وان العدل اساس الحكم وان الانتماء الصادق لهذه الارض المباركة هو درع الامن وسبب النماء
لقد اصبحت المملكة اليوم نموذجا فريدا في الجمع بين الاصالة والمعاصرة فهي تحمل ارثا حضاريا عميقا منذ ايام الرسالة النبوية الى العصور الزاهرة للدولة الاسلامية ثم الى عهدنا الحاضر حيث تشهد المملكة قفزات نوعية في كل مجال من مجالات التنمية والاقتصاد والتعليم والصحة والبنية التحتية والرقمنة والطاقة المتجددة والرؤية الوطنية الطموحة عشرين ثلاثين
وهنا يبرز دور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود الذي قاد الدولة بحكمة واقتدار وثبات فاعاد رسم ملامح القوة الاقليمية والدولية وعزز مكانة المملكة بين الامم فكان رمزا للقيادة الراسخة التي تستمد قوتها من ثقة الشعب وصدق الولاء
كما يسطع اسم ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ال سعود الذي جسد برؤيته الشجاعة طموح الشباب وهمتهم العالية فوضع للمملكة رؤية استراتيجية تمتد حتى عام عشرين ثلاثين رؤية تهدف الى تنويع الاقتصاد وتحرير الطاقات الوطنية وتعزيز مكانة المملكة كقوة مؤثرة في الاقتصاد العالمي وصناعة المستقبل
رؤية المملكة ليست مجرد خطة اقتصادية بل هي مشروع وطني شامل يعيد صياغة المفاهيم ويزرع روح الابداع في كل قطاع ويرفع سقف الطموح حتى اصبح الحلم واقعا ملموسا في ميادين عدة من بينها السياحة والترفيه والتقنية والطاقة المتجددة والمشروعات العملاقة مثل نيوم والقدية والبحر الاحمر
اليوم الوطني مناسبة نتوقف عندها لنستذكر تضحيات الاجداد والاباء الذين بذلوا الغالي والنفيس لاجل ان نحيا اليوم في وطن امن مستقر ولنعرف ان مسؤوليتنا نحن الابناء والاحفاد ان نحافظ على هذه المنجزات وان نكمل مسيرة البناء بنفس الروح ونفس العزيمة
ان ما يميز اليوم الوطني السعودي هو انه ليس يوما يرتبط بحدث سياسي فقط بل هو قصة هوية كاملة فالانسان السعودي يعيش انتماءه كل يوم لكن هذا اليوم يجعله اكثر فخرا واعلى اعتزازا فيستشعر معنى المواطنة في قلبه قبل لسانه ويترجمها عملا في موقعه علما وصناعة وزراعة وادارة
وفي هذا اليوم يلتقي الماضي بالحاضر ويلتحم الحلم بالواقع فننظر الى سيرة المؤسس بعين الاجلال وننظر الى حاضرنا بعين الرضا وننظر الى مستقبلنا بعين الامل فالوطن لم يعد مجرد حدود جغرافية بل هو فكرة سامية ورسالة عظيمة ورحلة ابدية نحو الريادة
ولعل اجمل ما في اليوم الوطني انه يوم للوفاء قبل ان يكون يوم للفرح فنحن نفرح لاننا اوفياء ونبتهج لاننا نحمل في قلوبنا صدق الولاء ولاننا ندرك ان الوطن هو بيتنا الكبير وان الحفاظ عليه فرض على كل مواطن ومواطنة
ان اليوم الوطني السعودي مناسبة تعلم العالم ان هذه الارض المباركة التي كانت يوما مضرب المثل في الصحراء والجدب اصبحت اليوم مضرب المثل في النهضة والتنمية والقدرة على الجمع بين الثبات على القيم والانطلاق نحو افق حديث
واذا كان لكل وطن يوم فان يوم المملكة يظل يوما مختلفا لانه يوم ارادة ويوم وحدة ويوم شجاعة ويوم مستقبل مشرق لا تغيب شمس.
كاتب صحفي وباحث تربوي



