موتى على قيد الحياة

الكاتبة / حصة محمد الجهني
اكتظت وسائل الإعلام المختلفة ,على مدى الأعوام السابقة بالمقالات, والاحصائيات ,التي تشير إلى عدد الوفيات في العالم ,والعوامل والأسباب الأكثر انتشارا والمؤثرة في نسبة تلك الوفيات .
ولم نجد إلا القلة ممن أحصوا وفيات أمراض الروح , والتي تفشت في الآونة الأخيرة وعلى نحو متزايد بين الناس ! على الرغم من أن أعراض تلك الأمراض تكاد تكون متشابهة ! ومن أخطر تلك الأعراض ( فقدان الشعور بالحياة ) .
أناس يعيشون بيننا فقدوا الشعور بلذة الحياة , وكبلوا أنفسهم بقيود الكآبة وأسروها بسجون الوهم والخيبات . المستسلمون لهزائمهم والراضخون لطوفان الضغوط الجارف , المحبطون أمام كل صعوبة ومرض وحزن وانكسار , من أوقفوا عجلة الحياة عند أول محطة فشل !
لسنا جميعا بقدر واحد من القوة والصلابة التي نستطيع بها الوقوف ثابتين أمام كل تلك العوارض التي تتناهشنا .
لكننا نستطيع تجاوزها إن أيقنا أنها لم تكن إلا إشارات ضوئية تلّوح في فضاء الأمل ,فضاء أوسع وأرحب مما نحن فيه , لنعيد بناء أنفسنا, ونراجع ثقتنا بخالقنا .
وآخرون أمثالهم , يعيشون منغلقين على أنفسهم , لا يمتلكون القدرة على الشعور بالآخرين والاحساس بهم ,متجاهلين أن الحياة كلمة جوفاء لا يملؤها إلا معنى الإنسانية , الذي يبث فيها روح البذل والعطاء . إنهم موتى الشعور!
” كم ميت في قبره حيٌّ بما صنعت يداه وكم رأينا بيننا ميْتًا على قيد الحياة ”
ومنهم موتى الضمائر , المتنصلون من مسؤولياتهم , المتسلقون على أكتاف الآخرين ,يرتقون لمجد عبدته أقدام غيرهم , فيظل نجاحهم مرهونا بهم ,كالريشة في الهواء يحركها كيف يشاء ! يعيشون بلا هدف ولا طموح . هم لصوص الانجاز.
أموات تعددت صورهم أمامنا ! لم تتوقف قلوبهم عن النبض ولا أجسادهم عن الحركة ! يأكلون ويشربون , ولكنهم اختاروا أن يكونوا جثث تتنفس ,عاشوا الموت بكل طقوسه وتفاصيله وهم مازالوا على قيد الحياة ! إنهم موتى الشعور والضمائر و الهمم وضحايا التشاؤم والإحباط .
معلمتي الملهمه : أ. حصه الجهني
الهمتني كتابتك وطريقة وصُفك الرائعه ❤️