مثل ما تعامل الناس يعاملك الله

مثل ما تعامل الناس يعاملك الله
سأنطلق متوكلاً على الله بكلمة جامعة مانعة.
هذه الكلمة لها وقعها الشديد على المؤمن.
إنها المعاملة
لقد بني الدين الإسلامي الحنيف على المعاملة ، ونقصد بالمعاملة هي كل قول أو فعل يبنى على سلوك نابع عن إرادة سابقة يقابله رد فعل مماثل له في القيمة ومساوي له في المكانة.
فإن تعاملت بكبرياء مع الآخرين فإنهم سوف يردون عليك بالمثل ؛ لأن الله هو من يعلم بالنوايا بالتالي سيتعامل معك بنفس ما تتعامل به مع المحيطين بك، وإن تعاملت معهم بالرحمة واللطف فإنه سيكون هناك رد فعل مماثل ، في الغالب وليس في كل الأوقات ستجد الآخرين يتعاملون معك بنفس القدر والوزن؛ولأن الله سبحانه عندما يرضى عن عباده يرسل لهم إشارات وبواعث الرضى والأنس فإنه في نفس الحال يمنع عنهم الكراهية والسخط.
اعلم وفقك الله مهما بذلت من جهود في حسن المعاملة إلا أنّ الراجح سيظهر لك ردود أفعال من الآخرين تتراوح بين الإيجابية والسلبية بناءً على قيمة السلوك الصادر منك واستنادًا إلى التربية التي تلقوها، لذا عليك الاشتغال بإصلاح علاقتك مع الله في كل الظروف وكافة الأحوال وأن تحسن معاملتك معه حتى تحسن معاملة الناس لك.
هكذا تتجلى لنا قيمة التعامل ومكانة المعاملة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أدلة كثيرة ، وبراهين عديدة على حسن تعامله وانعكاس محبة الله عليه.
لقد وضعنا دلالة مبدئية حتى يمكننا الكتابة في كيفية التعامل مع الناس ، وانعكاس ذلك التعامل على انسياب أو تعسر الحياة بأكملها على المرء، هذه الدلالة يفترض أن تكون تحت مجهر الفكر، يحللها، ويقيس مدى صدقها.
لنأخذ مجموعة من الدلالات التي يجب التنبه لها والعمل على تحسس مواطنها وغرس بذورها ثم إعمالها في النفس ، والتعود على القيام بها ، والضغط باتجاه تأصيلها حتى إذا ظهرت وتجلت تمكنت من النفس عندها يمكن لنا ملاحظتها وقياس أثرها على أنفسنا ورؤيتها بصورة محسوسة على جميع المستويات،إضافة إلى ذاك سوف نشعر بامتلاء الروح ، ستظهر روح ملائكية ، روح نورانية ، يحبها الله ينعكس نورها عند الناس ، نشعر معها أن الحياة في منتهى الانشراح ، يسودها البهجة والسرور، وأول هذه الدلالات التي ينبغي الاشتغال عليها كثيرًا ؛ ليتيقن المرء من معرفة قدره ومكانته عند ربه وهي :
١/ حفظ الأسرار : إنَّ حفظ الأسرار وكتمها والحرص على عدم إفشائها بمثابة رفع الأضرار، فلما يستأمنك أحدهم على سره فاعلم رحمك الله أنه رأى فيك الخير وأَنِسَ إليك ،واطمأن لك نظرًا للنور الذي أنزله الله عليك وتجلى على جبينك.
تأكد أن من ستر مسلمًا ستره الله وعليك أن تدرك أنّ من تتبع عورات أخيه المسلم تتبع الله عورته حتى يفضحه بين الخلائق اقتصاصًا لذلك المؤمن الذي انكشف سرّه. إنها ديون وحقوق، لن يبرح الإنسان هذه الدنيا حتى يأخذ حقه وافيًا ؛ لذا فالتعود على كتم السر وإخفاء العورات برهان أكيد على أنّ الله سوف يسترك كما أنه لن يكشف لك عورة أو زلة أو جنح ما دمت معتقدًا ومؤمنًا بصحة ما تقوم به وتفعله، عليك أن تعلم هذا الأمر وتؤمن به وتعمل عليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:((….ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة…))
٢/ الرحمة: صفة لازمة لهذا الدين الحنيف ولشريعته القويمة فمن كان لينًا، هينًا، لطيفًا مع الخلق مُعينًا لهم كان الله أكثر لطفًا به وأنزل رحمته عليه، فالراحمون يرحمهم الرحمن، ومن أعان ضعيفًا أعانه الله في ضعفه.
٣/ الصدق: فضيلة عظيمة وخلق كريم، وصفة نبيلة ، فمن كان صادقًا مع الله، برأه الله من الكذب ، ومن استمر في صدقه نال حظوة ومكانة رفيعه في مجتمعه، فالصدق صديق الحق، إنهما صنوان لا يفترقان وهما أشقاء للاستقامة،والإخلاص والوفاء، فمن تمكن منه الصدق تحصل على السمعة الحسنة ،فأحبه الله ، انعكس ذلك في حب الناس له.
ختامًا/
هذا بعض من الهدي النبوي الجميل وغيره كثير لا يتسع المقام لذكره ولا أظن أننا نجهله.
ديننا القويم أتى إلينا موضحًا الأحكام والقواعد والتشريعات وذكر كل الوقائع، وأوردجميع التوجيهات، وبيّن كافة التعليمات ، وأنا لستُ هنا بوصفي عالم في الشريعة والمسائل الفقهية ، فالعلم الشرعي له أحباره ، وعلماؤه الأجلاء، وله أربابه الذين نستقي منهم التوجيه، والترغيب، والترهيب،كونهم ضالعون في العلم الشرعي، ومنغمسون في لذته، وغارقون في بساتينه.
إنما أنا رجل مسلم يشعر بروحانية الإسلام ، ويؤمن بحسن المعاملة وضرورة العمل بها، ولأجل هذا ومن أجل أن نكسب رضى الخالق جل وعلا علينا العمل باستمرار على تطهير النفس من الأدران والانصراف إلى تأديب النفس ، وتعليمها فضائل حسن المعاملة ، وتقوية علاقتها مع الله.
أخرًا
اعلم رحمك الله أنه كما تعامل الناس سوف يعاملك الله.
إن خيرًا كسبته وإن كان شرًا جوزيت به.
علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي
نعم ( الدين المعاملة ) لافض فوك👍 كاتبنا المبدع ، مقال جامع ، شامل ، كافي ، جدير بالطرح والمناقشة ،
شكرا جزيلا لك على اختياراتك الموفقة لمحتوى مقالاتك🌹
أسعد دومًا بما يكتبه قلمك المنير أستاذة ابتسام
أنت تضخين فينا كل يوم كتلة وافرة من الإيجابيات.