الانتماء والعصبية القبلية

د / بندر صالح المالكي
الانتماء والعصبية القبلية
العصبية القبلية والتعصب بشكل عام هو موقف عدائي أو تمييزي يتخذه الفرد تجاه جماعة معينة بناءً على انتماءاته القبلية أو الدينية أو العرقية. وفي المجتمعات التقليدية، كان الانتماء القبلي يشكل جزءًا كبيرًا من الهوية الشخصية والجماعية، ولكن مع تطور المجتمعات، أصبحت الدعوة إلى التسامح والمساواة أكثر إلحاحاً.
مفهوم العصبية القبلية
العصبية القبلية تعني التحيز والتعصب للقبيلة أو للعشيرة ضد غيرها، وغالبًا ما يكون هذا التعصب مبنيًا على الاعتقاد بأن القبيلة أفضل أو أحق بالمكانة الاجتماعية والسياسية من القبائل الأخرى. هذا النوع من العصبية يخلق بيئة من التفرقة والتمييز والظلم بين أفراد المجتمع.
التعصب في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية
الإسلام، منذ بدايته، جاء ليزيل العصبيات القبلية والدينية ويؤكد على وحدة الإنسانية وأن التفاضل بين الناس يكون بالتقوى والعمل الصالح، وليس بالانتماءات القبلية أو العرقية. ومن أبرز الآيات القرآنية التي تنبذ العصبية:
• قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات: 13). هذه الآية تشير إلى أن الهدف من خلق الشعوب والقبائل هو التعارف والتعايش، وليس التفاخر أو العصبية.
• قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: “يا أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي ولا لعجمي فضل على عربي إلا بالتقوى”. هذا الحديث الشريف يؤكد على أن التفاضل بين الناس ليس بناءً على العرق أو القبيلة، بل على التقوى.
الأنظمة في المملكة العربية السعودية التي تجرم التعصب
تولي المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة لمحاربة التعصب القبلي والتفرقة، وتعتبر الوحدة الوطنية قيمة أساسية. ولذلك، تم سن العديد من القوانين والأنظمة التي تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة وتعزيز قيم التسامح والمساواة. ومن أبرز هذه الأنظمة:
1. نظام مكافحة التمييز والكراهية: يجرم هذا النظام أي شكل من أشكال التمييز أو التحريض على الكراهية، سواء كان ذلك بناءً على العرق أو الدين أو القبيلة. ويعاقب من يروج أو يشارك في مثل هذه الأعمال بعقوبات تصل إلى السجن والغرامة.
2. نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية: يعاقب هذا النظام كل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت لنشر الكراهية أو التحريض ضد مجموعة معينة على أساس قبلي أو ديني.
3. برامج التوعية الوطنية: تعمل الجهات الحكومية بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والدينية على نشر قيم التسامح والتعايش من خلال المناهج الدراسية والخطب الدينية والبرامج الإعلامية.
أهمية محاربة التعصب القبلي
محاربة التعصب القبلي ضرورة للحفاظ على نسيج المجتمع ووحدته. التعصب يؤدي إلى الانقسامات والنزاعات بين أفراد المجتمع ويعوق التقدم والتنمية. بالتالي، من المهم تعزيز قيم التسامح والعدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو العرقية.
واخيرآ :
العصبية القبلية والتعصب بشكل عام هما من أسوأ ما يمكن أن يواجه المجتمعات، لأنهما يهددان الوحدة الاجتماعية ويقوضان العدالة والمساواة. من خلال التوجيهات الإسلامية والأنظمة القانونية في المملكة العربية السعودية، يتم العمل على تعزيز قيم التسامح ونبذ التعصب، بما يساهم في بناء مجتمع مستقر ومتآلف يعم فيه السلام والمحبة بين جميع أفراده.
كاتب رأي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله تبارك الله
د. بندر المالكي
مقال مميز ورائع وجميل
والأفراد والمجتمع جميعاً بحاجة إلى مثل الموضوعات
التي تمس التعاملات والعلاقات بين المجتمع ومكوناته
شكرا شكرا لكم على هذا الطرح المتزن في هذا الموضوع المهم جدا …
وإلى الأمام دائما وابدا…