النرجسية

اختبر نفسك أو من حولك بحثا عن الصفات التالية، فإن وجدت معظمها منطبقة على من تختبره فهو (نرجسي) بامتياز..
حب النفس المبالغ فيه، الغرور والتعالي، الشعور بالأهمية، انتظار الاحترام الخاص من الآخرين، الخوف والحنق والغضب والحساسية الزائدة من النقد، حب المديح والإعجاب، الاهتمام المفرط بالهندام والمظهر والأناقة، التمركز حول الذات، الانسحاب الاجتماعي، الاستفزاز من تجاهل الآخرين، وضع قيمة عالية للأفعال الخاصة، وضع أهمية بالغة لنظرة الآخرين وإعجابهم، الشعور غير العادي بالعظمة والفوقية، استغلال الآخرين، عدم الانصات، عدم الانصياع للقواعد، عدم الاعتراف بالخطأ..
بعد أن طبقت الاختبار، هل شعرت بالخوف بأن بعض هذه الصفات قد تنطبق عليك، هذا طبيعي فلا تقلق، فالنفس البشرية مجبولة على الرغبات النرجسية وحب المدح والأناقة والاهتمام وكراهية النقد، ولا يتجاوز ذلك إلا من كان حبه لربّه ورسوله ودينه ووطنه والآخرين يتجاوز حبّه لذاته ولكن بشكل صحي لا يطغى على النفس، ولا يتأتّى ذلك إلا بالإيمان المطلق كما بين لنا المعلم الأعظم محمد ﷺ..
يبيّن (فرويد) مؤسس على النفس الحديث أن التوازن بين ( هو ID) و( أنا Ego) و(أنا العليا Super Ego) ينتج نرجسية صحية تهتم بتحقيق الذات والتناسق بين الأشياء وإرضاء غريزة البقاء وهي جزء أساسي من التطور الطبيعي، وقد ذكرت هذه المفاهيم في القرآن الكريم بمسميات مختلفة ف(هو) لعلها عتبر النفس الأمارة بالسوء و (أنا) هي النفس الطبيعية و(أنا العليا) هي النفس اللوامة أو الضمير بينما النفس المطمئنة في نظري هي التوازن المطلق بينها والمفعم بالإيمان الخالص..
المشكلة تكمن في اضطراب الشخصية النرجسية والتي تكمن في الشعور المبالغ فيه بالأهمية والحاجة لأن يكون الشخص موضع اهتمام الجميع، إضافة لتدني مشاعر الندم والتعاطف مع الآخرين، وقد يملك هذا الشخص السايكوباثي تحت قناعه المفرط بالثقة صورة مهزوزة جدا للذات تجعله شديد الحساسية تجاه أي نقد تصل للعداء، ضف على ذلك وجود مشاكل في العلاقات مع الآخرين، وادعاء الخبرة والنظرة الأحادية..
يطلق عليها العالم (هوتشكيس) الخطايا النرجسية المميتة على وزن الخطايا السبع المميتة..
سبب هذا الاضطراب هو التدليل والإطراء الزائد من الأهل والمجتمع من حوله منذ الصغر وبث روح العظمة والفوقية فيه وتضخيم دور القبيلة والعرق والجنس بداخله فلا يريهم إلا ما يرى، ولنا في فرعون والنمرود آية ومن قبلهم إبليس الذي يحمل السبق في ذلك (الكِبرْ خطيئة إبليس المفضلة)..
تقول الأسطورة اليونانية القديمة أن ناركسوس كان شابا فائق الجمال، وكان كل يوم يذهب إلى البحيرة ويطيل النظر بسطح الماء إعجابا بنفسه وتأملا في صورته الجذابة. في نفس الوقت كانت البحيرة سعيدة للغاية لأنها تعتقد أن ناركسوس الجميل معجب بها وبجمالها وعذوبة الماء ورقته. وفي يوم أطال نرسيس النظر إلى الماء وشطح خياله في جمال وجهه حتى سقط غريقا بالبحيرة. مر الحكيم على البحيرة وسألها لمَ تركت نارسيس الجميل يغرق؟ فردت البحيرة أنها لم تره أصلا فقد كانت مشغولة بجمالها هي، وهكذا كانت نهاية ناركسوس الذي لم يرَ إلا جماله فقط، ونهاية البحيرة التي أصر الحكيم على ترك جثة نارسيس كي يلوثها فكلاهما لم يرَ إلا نفسه، ثم ظهرت مكان جلوس نارسيس زهرة فأطلقوا اسمها عليه (النرجس)..
بقي أن نؤكد أنه ليس كل مغرور نرجسي، فالغرور صفة واحدة تميز الشخصية النرجسية المضطربة، وأما حب الذات أو النرجسية الطبيعية هي فطرة لا تدعو للقلق..
هل حدثتكم عن (الهايوكا) عدو الشخصية النرجسية المضطربة؟! هذه فرصة لكم للبحث عنه..
وليد قادري
كاتب رأي
لافض فوك كاتب الصحيفة المبدع👍
وشكراً جزيلاً لك على إثراء الصحيفة بهذه المواضيع المتنوعة والمحتوى الهادف .
👏👏👏👏
لا عدمناك أ. ابتسام
من بعدك 🙏🏼