الطشت لا يكذب .. أين اختفت أموالنا؟!

في الثمانينيات، من القرن الماضي، كان في المدينة المنورة، رجل معجزة يُدعَى (عم عبدالله شاشة)، يستطيع استدعاء الأموات من قبورهم، ولو رحلوا من قبل ألف وأربع مئة عام، ويجتمع معهم في أي وقت يشاء، وَيُعِيدُ رؤساء الدول المخلوعين إلى السلطة مرة أخرى، وعلى يدي أعاد الرئيس الباكستاني نواز شريف إلى الرئاسة عدة مرات، ويرى الأحداث قبل وقوعها، ويحددها باليوم والساعة والدقيقة والثانية، ويكشف أسرار الجرائم الجنائية الغامضة، وبعض الضباط الأكفاء يلجؤون إليه لحل القضايا المعقدة التي يعجزون عن فك غموضها، ويرشدهم، (اسم الله عليه)، بدوره لمكان القاتل، واسمه، واسم أمه، و (عنوانه الوطني)، قبل تطبيق العنوان الوطني بأربعة عقود.
كل ذلك بـ (طَشْتْ) مملوء بالماء، يقرأ عليه بسرعة بعض التمائم والتعاويذ، على طريقة و (الطبل طبطب طب لي) أمام من يأتي إليه ليبحث له عن سيارته المسروقة، أو أمواله المفقودة، أو عنز جدته البرتقالية التي خرجت من حظيرتها قبل مئة عام، ولم تعد بعد ذلك إلى حظيرتها، فيتحول الماء بين يديه بقدرة قادر إلى (شاشة بلازما 65 بوصة ديجتال سمارت)، يرى فيها وحده القتلة والجناة، والمسروقات، ويحدد أماكنها على (خرائط قوقل ايرث)، ولهذا كنا نسميه من باب التندر، والشقاوة، والفضاوة، بـ (عم عبدالله شاشة).
واليوم، تذكرته، وأنا اقرأ عن سيارتنا الأولى (غزال ١) طيبة الصيت والسمعة، التي اختفت في ظروف غامضة، واختفى معها مبلغ ١٠٠ مليون ريال، عداً ونقداً، رصدت لصناعتها، وإنتاجها، فقلت في نفسي، لو استعنّا في وقتها بهذا المعجزة، لَاستطعنا التعرف على من سرق أموالنا، ووجدنا سيارتنا العجيبة المختفية، واعدناها إلى المتحف الوطني، ولو ذُبِحَتْ، في (التشاليح)، ووزعت قطعة قطعة على مشلحيها في أكياس لحمة، فلم نسأل عنها مسؤولا إلا و (يَتَحَرْمَصُ كَأَنَّهُ مَمْغُوصٌ)، ولا يعرف ما يقول، أو يقول من الإحراج لا أعرف عنها شيئا.
ولهذا، إذا كانت نزاهة لا تعرف إلى اليوم عن سيارتنا وأموالنا المختفية شيئا، فأنا أعلن أمامكم من هنا بأنني أستطيع معرفة كيف اختفى المبلغ المرصود لها، وأين مكان اختفائه، ومكان سيارتنا العجيبة في هذه اللحظة؟
فما زلت غير مقتنع برواية الجامعة لسبب بسيط، وهو أن المنح للجامعات وغير الجامعات، تدار عبر قنوات حكومية قوية، وتحت إشراف صارم من الأجهزة المصرفية والرقابية، وَيُفْتَرَضُ أن هذه الأموال مَحْمِيَة من أي تلاعب، أو من أي فساد يَطَالُهَا.
ولهذا، لا أخفيكم سرا، إن قلت لكم حاولت بحكم أنني (مواطن غلبان)، ومن حقه أن يعرف أين ذهبت أمواله، وأين سيارتنا النادرة (الفلتة) المختفية؟!
فذهبت إلى شيخ هندي يُدَّعَى (جيتلي كومارو) يستخدم نفس طشت (عم عبدالله شاشه)، وبعد نظرة فاحصة في طشت الـ CIA النادر، كانت إجَابَاتُهُ غامضة، وغير مفهومة، ولا تضيف لي شيئاً جديداً أبدا، بل زادت من حدّة الغموض المحيطة بقضيتي التي جئت إليه من أجلها، وانصرفت من عنده مكسور الخاطر.
ولأني مهموم بأموال، وممتلكات المواطنين، والحكومة، قمت بمحاولة أخيرة لمعرفة مصير سيارتنا (المختفية)، وعدت إليه وسألته مباشرة:
– شيخ (كومارو)، ربما لم تفهم ما كنت أقصده في المرة الماضية، سأشرح لك القضية بوضوح أكثر هذه المرة، عندنا سيارة اسمها (غزال ١)، خصصت لصناعتها وإنتاجها ١٠٠ مليون ريال عدا ونقدا من قوت المواطنين (الغلابا) أمثالي، وفتشنا عنها في كل مكان، ولم نجدها حتى هذه اللحظة، فهل تستطيع أن تحدد لنا أين نجد أموالنا بـ (طِشْتُك) العجيب هذا، وما هو مصير سيارتنا العجيبة؟
وفي أي حساب دخلت أموالها الكبيرة؟
فرق قلبه عليَّ، ونظر في (طشته)، وقرأ بعض التمائم والتعاويذ، على طريقة عبدالحسين عبدالرضا (كنابس ساتيفا انتي اللي ظلمتيني عفستيني عفيسا)، وهز رأسه يمينا ويسارا، وقال:
اگر آپ نہیں جانتے کہ آپ کا پیسہ اور آپ کی ٹھنڈی کار کہاں گئی، تو یہ نہ سوچیں کہ آپ اپنی زندگی میں کبھی کار بنائیں گے۔
وترجمتها:
– لو لم تعرفوا أين ذهبت أموالكم، وسيارتكم العجيبة، ما ظننت ستصنعون طوال العمر سيارة.
محمد الفريدي
شكراً لما كتبت اخي محمد عن طشت عبدالله شاشة وقدرته الخارقة في زمن كانت الوسائل المتاحة لكشف المستور شحيحة وأود الإشارة الى أن هيئة مكافحة الفساد ( نزاهة )تجاوزت عبدالله شاشة بمراحل وحققت انجازات غير مسبوقة وأصبحت المملكة العربية السعودية مثلاً يحتذى به في مكافحة الفساد.
سعادة الاخ المستشار اللواء عبدالله سالم المالكي.
تحية طيبة وبعد:
أشكركم جزيل الشكر على تعقيبكم الكريم وإتاحة الفرصة لي للحديث عن إنجازات هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) في المملكة العربية السعودية، إن ما ذكرتموه عن عبدالله شاشة وقدرته الخارقة في زمن كانت فيه الوسائل غير متاحة لكشف المستور، هو موضوع بالفعل يستحق المناقشة من جميع الجوانب.
ومع ذلك، لا يسعنا إلا أن نفخر بما حققته هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) من تطورات وإنجازات غير مسبوقة في مجال مكافحة الفساد، لقد أصبحت مملكتنا نموذجًا يُحتذى به في هذا المجال بفضل الجهود الحثيثة والتقنيات المتقدمة التي تستخدمها الهيئة، اضافة إلي ان مكافحة الفساد تتطلب تكاتف الجميع وتظافر الجهود، وإنني على ثقة بأن ما تحقق هو نتيجة للعمل الجاد والتعاون المثمر بين مختلف الجهات ذات الصلة.
كل التقدير والاحترام لجهودكم المباركة ولكل من يسهم في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في وطننا الغالي.
دمتم بخير وسلام وعافية ، و تقبل فائق تحياتي.
اخوكم / محمد الفريدي
الله!!
دام الإبداع والتميز .
مقال قصصي ساخر .
يتضمن قدرا من التوجيه والإرشاد والتوعية بأعلى درجات التحضر والفهم العميق لأنجح أساليب النقد المتأدب بسمو الصفات والأخلاق الحميدة .
أخي العزيز الدكتور هشام محفوظ.
أشكرك كل الشكر على كلماتك الطيبة والمشجعة، و ذوقك الرفيع في تقييم المقال هو ما يمنحني الدافع للاستمرار في السعي نحو التميز والارتقاء بأساليب النقد والتوجيه.
إن وصفك للمقال بأنه يجمع بين السخرية الهادفة والتوجيه الراقي يعكس فهماً عميقاً لما أطمح بالفعل إليه ، وهو تقديم النقد البناء بأسلوب يرتكز على ما ذكرت ، و تحقيق هذا التوازن بين الترفيه والإرشاد هو تحدٍ كبير بالنسبة لي ، وأشعر بالفخر بأن مقالي الاول من هذا النوع قد نال إعجابك وتقديرك.
جزاك الله خيراً أخي العزيز على دعمك وثقتك، ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الامن و الامان و الإبداع والتفوق، وأتطلع دائماً إلى آرائك وملاحظاتك القيمة، ودمت بخير ودامت كلماتك نبراساً تضيء لي الطريق.
أخوك
أبو سلطان
كاتبنا القدير رئيس التحرير الأستاذ محمد علي الفريدي وكأني بك تنقش في الذَّاكرة الصحفية وتاريخ الصحافة الورقية ما قبل ثمانينات القرن الماضي التي تتبلور منها مقالة الكاتب بين الهزل والجد لتصل للقاريء بسرعة الضوء كما تصل للمسؤول بسرعة البرق كما يقول المثل ليأخذ المسؤول قراره العاجل بإعادة الوضع على ما كان عليه تلافيا لتحمله تباعات ما أشار إليه الكاتب في مقالة من نقد لاذع.
وهذا النمط من كتاب المقال الصحفي تكاد تكون نادرة فكيف بك وأن تعيدنا لذلك الزمن الجميل ” وتشطت الماء ” التي كنا نسمع عنها كأنها نوعا من الأساطير لا أعرف مدى حقيقتها ومصداقيتها ولكنها متداولة بين البسطاء وشرائح المجتمع فشكرا لهذه العودة الجميلة مع إنني كنت أتمنى قراءة هذا النوع من المقال قبل ٤٠ عاما على أقل تقدير لأن قاريء تلك الأيام لديه الوقت أن يتعايش مع الكاتب بينما جيل اليوم منشغل عن الكثير من أشياء يعتبرها من أولى الأوليات.
ولعلي أضيف قائلا: إن ميلك للكتابة الساخرة هي من أصعب أنواع الكتابة الصحفية على الإطلاق ولكنها تجد أقبالا وتعطشا من قبل القاري الفطن شديد الذكاء أهنئك أبا سلطان على هذا المنهج في الكتابة الصحفية لتملأ فراغا بات طويلا دون أن يجد من يسد ذلك الفراغ بالرغم من محاولات محسوبة ومتكلفه جدا ولكنها لا ترتقي للمطلوب في محاولة تقليد الآخرين ولاسيما في الصحافة المصرية ومنهم أنيس منصور بالرغم من تحفظي على بعض مقالاته وإن أحببته ولاسيما في كتابه الموسوم ” العالم في ٣٠٠ يوما”، أكرر تقديري الشخصي.
الأستاذ والأديب محمد حامد الجحدلي.
تحية طيبة وبعد:
أشكرك من أعماق قلبي على كلماتك الرائعة التي أضفيتها على كتاباتي، وإشادتك بأسلوبي ورؤيتي الصحفية تعني لي الكثير، وتدفعني لمواصلة العمل بجد واجتهاد لتقديم الأفضل لقرائنا الأعزاء.
عندما أتلقى تعليقات مثل تعليقك، أشعر بأنني أحقق شيئًا ذا قيمة في عالم الصحافة، وأنني أسير على نهج يعيد للصحافة الورقية رونقها وأصالتها، وإعادة إحياء ذلك النمط من الكتابة الذي يجمع بين الهزل والجد هو تحدٍ ممتع بالنسبة لي، وأرى فيه وسيلة لنقل الرسائل بسرعة وفعالية، بغض النظر عن تعقيدات العصر الحديث.
أتفق معك تمامًا أن الكتابة الساخرة هي من أصعب أنواع الكتابة الصحفية، لكنها في نفس الوقت الأكثر تأثيرًا وجذبا للقارئ الذكي والواعي، و يسرني أنك وجدت في كتاباتي ما يملأ تلك الفجوة ويعيد بعضًا من جماليات الزمن الجميل الذي تحدثت عنه.
تحفظك على بعض مقالات كاتبنا الكبير أنيس منصور رحمه الله مفهوم، فكل كاتب له رؤيته وأسلوبه الخاص، وأنا بدوري أحرص على أن تكون كتاباتي متميزة، صادقة، وتصل إلى القارئ بطريقة تجعله يتفاعل معها بعمق.
أشكرك مرة أخرى على كلماتك الداعمة والمشجعة، وأتمنى أن أكون دائمًا عند حسن ظنك وظن قرائنا الكرام.
و تقبل تحياتي و تقديري.
اخوكم / محمد الفريدي
الكاتب القدير محمد علي الفريدي أسعدتني كثيرا وأنا أتابع سطور حروفك المضيئة، حول تعليقي على مقالك: الطشت لا يكذب .
التي وجدت فيها مالم أجده في مقالات كُثر، لا هَمَّ لكتابها سواء تعبئة فراغ فقط، والظهور من أجل الظهور، بينما في ما تكتبه من مقالات! وهذه شهادة حق، ففيها عمق الفكرة، واختيار المعنى، ودقة الأسلوب، وطريقة الوصول للقاريء، إلى ما أردت الذهاب إليه، إما لتأكيد حقيقة، أو نفي ما ينبغي نفيه، ومع هذه فهناك معطيات تنفرد بها عن الكثير من الكتاب، وهو أن ما يتعلق: (بالكيان والوطن والأمانة والتاريخ والولاء لولاة الأمر).
والسؤال عمَّا خفى ؟ وكلها في نظرك وفي نظر القاريء الواعي خطوط حمراء، لا مساومة عليها، تنصب في الأهداف العليا للدولة، في محاربة الفساد، وهي أشياء سكت عنها الزمن فترات طويلة، لأسباب أكاد أجهلها شخصيا.
لأعود لكونك رجل تمثل جهازا أمنيا ورسالة وطنية في أدبيات حفظ الحقوق والعدل، وهو ما تنشده الدول.
في تصوري أن ما تكتبه من مقالات بمزاجية ذهنية صافية، لا أعرف توقيت وزمن كتابتها، ومتي تستدعيك الفكرة، لتستجيب لها، لتقارع الشعراء في قصائدهم، أخير وليس بآخر أيها الكاتب النبيل: رفقا بالقراء!
فالبعض منهم كشخصي قد نجهل الكثير مما تحاول الكشف عنه، من حقائق، هي في مصلحة الوطن، ونزاهة التاريخ التي جعلها قاداته أساس العمل الوطني والأمانة، التي لابد أن يحملها الجميع، لك مودتي وإعتزازي أبا سلطان.
الأستاذ والأديب الأخ محمد حامد الجحدلي.
لقد أسعدتني كثيرًا كلماتك الطيبة وتعليقاتك العميقة حول مقالي “الطشت لا يكذب”، و إشادتك بأسلوبي وعمق الأفكار التي أتناولها وسام شرف أعتز به، وأشكر لك تقديرك وتفهمك للجهود التي أبذلها في كتاباتي.
أرى في تعليقاتك انعكاسًا لروحك الأدبية الراقية واهتمامك الكبير بالتفاصيل والحقائق، هدفنا جميعًا هو الوصول إلى القارئ بطريقة صادقة وفعالة، وتقديم محتوى يثري الفكر ويحفز على البحث والتفكير، وأنا أسعى دائمًا لأن تكون مقالاتي ليست مجرد كلمات تملأ الفراغ، بل تجارب فكرية تسعى لتأكيد الحقائق ومحاربة الفساد وتفعيل دور الأمانة والوطنية.
مما لا شك فيه، أن الحفاظ على القيم الوطنية والتاريخية والولاء لولاة الأمر هي أمور جوهرية لا يمكن التهاون فيها، وإنني أؤمن بأن رسالتي ككاتب تتجاوز مجرد الكتابة لتشمل التوعية والتنوير وتحفيز التفكير النقدي لدى القراء.
كما أشرت، قد تكون بعض الحقائق التي أكشف عنها غير معروفة للبعض، ولكنني أرى في ذلك واجبًا ومسؤولية تجاه وطني وتاريخه العريق، وأشكرك على تفهمك لهذا التوجه ودعمك المستمر، الذي يعد مصدر إلهام لي لمواصلة المسيرة.
أخيرًا، أود أن أعبر عن امتناني العميق لكلماتك الداعمة والمشجعة، و تفاعلك الداع مع ما أكتبه يعزز من عزيمتي ويحفزني على تقديم المزيد من الجهد والإبداع لخدمة القراء الأعزاء.
لك مني كل المودة والاحترام، وأتمنى أن أكون دائمًا عند حسن ظنك ، وظن قرائنا الكرام.
وتقبل فايق تحياتي .
محمد الفريدي