كُتاب الرأي

النقاء

مريم فرح الدين 

النقاء

أحيانًا، أجد نفسي عالقة في حلقة مفرغة من الشعور، بعد الاكتفاء والاحتفاء بالإنجاز. سواء كانت صغيرة أو كبيرة. كإنسانة مررت بتحديات جسدية ونفسية كثيرة في الأشهر الماضية، كانت أيام كثيرة تبدو كجسر يعبر بي إلى أعماق نفسية وروحية غائرة. هناك لحظات لا تسعني فيها حروف الأبجدية للتعبير عن مشاعري، ولكنني حاولت أن أصف ما مررت به.
لكن!
الأيام الثقيلة كانت أكبر وأثقل من الأيام الخفيفة. مررت بكوابيس كادت أن تبتلعني في كل محاولة، وفي كل لحظة تحامٍ مع نفسي الحقيقية.

الشجاعة ليست أمرًا سهلاً. كما أن الحب الذي يحمله قلبك لأشخاص لا يستطيعون احتواء اتساعك، قد يفقدك الاتجاه أحيانًا. عندما لا يجد حبك المكان الصحيح، وعندما لا يستطيع الآخرون فهم عمق مشاعرك، قد تشعر بأنك تضيع، وأن حبك يتحول إلى فوضى داخلية. يصبح ذلك الحب مشتتًا، يتناثر مثل طفل حزين يتيـم، يحتاج أن يتبناه قلبك ويحتويه، دون أن تعرف متى ستشفيه وتعيده إلى مساره. عليك أن تكون له العائلة التي تحتضن انكساره العظيم.

لكن، لن ينقذك أحد كما ينقذك نقاء قلبك، خاصة إذا اخترت أن تصقله وتزيل عنه الشوائب، رغم الألم ورغم رغبة جرحك في أن يتحول إلى وحش كاسر. ففي النهاية، لا شيء يستطيع تهدئتك سوى نقاء قلبك.

يرزقك الله النقاء، ويرزقك التطهير والشفاء، ويجعل من كل من يحبك جنديًا مجندًا يدعمك بقوة من عنده. حب الله هو مضاد الأعاصير في حياتنا. عندما ترى الله في كل شيء، لا يمكنك إلا أن تحتفل بالحياة، وتشكره، وتحتفل بنفسك، حتى في الأيام التي لا تنجز فيها شيئًا.

أحيانًا، وجودك في هذا العالم، رغم كل شيء، يعتبر إنجازًا عظيمًا. أنت هنا، رغم كل شيء، ما زلت مستمرًا في الوجود، رغم كل ما واجهته من تحديات.

ورغم كل ما مررت به، أستطيع اليوم أن أقول بكل ثقة: أصبحت أفضل. تعلمت أن الحياة مليئة بالفرص للتجدد والشفاء، وأن الألم ليس نهاية، بل هو بداية لرحلة جديدة.

اليوم، وبعد كل تلك التحديات، أجد نفسي أكثر قوة ووعيًا. أصبحت قادرة على رؤية الحياة بعين أمل جديد، وأستقبل كل يوم بحماس ورغبة في النمو. الشفاء ليس مجرد غياب للألم، بل هو قوة جديدة تنبع من داخلي، وعزم على أن أعيش حياتي بكل سعادة واستقرار. أنا هنا اليوم، أقوى وأكثر توازنًا، مع قلب ممتلئ بالأمل، وأدرك تمامًا أن الطريق الذي سلكته جعلني الشخص الذي أنا عليه الآن.

كاتبة رأي 

 

 

محمد الفريدي

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
الذهاب إلى الواتساب
1
م حبا أنا سكرتير رئيس التحرير
مرحبًا أنا سكرتير رئيس التحرير وأنا هنا لمساعدتك.