كُتاب الرأي

يومُ عرفة فضائلٌ وعبرٌ

يومُ عرفة  فضائلٌ  وعبرٌ

من  نفحات العشر الأولى  المباركات لشهر ذي الحجة  المبارك هذا  اليوم العظيم !   ألا وهو  يوم  التاسع  من  ذي الحجة والذي يعرف بيوم  عرفة ! هو  يوم  مبارك  عظيم  في  لحظاته  وفي ثوانية وفي  دقائقه  وفي  ساعاته ،  فاليوم   كله  من بدايته  إلى  ختامه  يوم كريم  عظيم مبارك.
وقد  اختاره  الله  تعالى دون  سائر  الأيام   ليكون  مجتمعاً للناس   ويوماً  مشهوداً ! يشهده   الملأ  الأعلى  ، وتحرسه  الملائكة ، وتتنزل فيه  الخيرات والبركات والمسرات والعطايا السماوية،  فالاختيار   له  من  الله تعالى ، فهو على الحقيقة  يوم  عظيم  مبارك ، وفيه  الخير  كله  والفضل  كله  والعطايا  كلها  ، والهبات الطيبة،   والسعادة الحقيقية للناس .
والمتأمل   في  اختيار  البارىء  تبارك وتعالى   لهذا  اليوم  المبارك   واختيار  المكان والزمان واللحظات والساعات  المباركات   له ،  وتحديد الأعمال التي  تُملأ  به كل  ذلك ؛   يجعل  المسلم  والحاج  أمام  أسفار   من  الفضائل والحكم العظيمة والمباركة.
يقول الله تعالى   :   (  وربك  يخلق ما  يشاء    ويختار     ) صدق الله  تعالى   العظيم  الحكيم  الكريم  ،  فهو  تبارك  وتعالى  يخلق  لحكمة وبحكمة  ويختار   لحكمة  وبحكمة  ، وقد اختار تبارك وتعالى   يوم  التاسع من ذي  الحجة  لكي يجتمع  فيه  الناس ، ويُذكروا الله تعالى  فيه !  بأخباره   وأوامره  ونواهيه ، وهم  في حالة التصالح  مع  السماء  وقد  تخففوا من  كل أثقال  وأعباء  الحياة الدنيا…
إن  اجتماع  الناس   في  عرفات الله  تعالى  -يوم  عرفة –  أشبه  بيوم  الجمع  يوم  التغابن  يوم  الحشر   يوم  القارعة  يوم الزلزلة  يوم  الحاقة  ويوم  الجاثية  ويوم   الحسرة  ويوم  القيامة !   فهم  أشباه  حفاة  عراة  إلا  مما  يسترهم  من الإزار  والرداء وبعض  الظل اليسير  الذي  يكاد  يظلل   رؤوسهم  وأبدانهم ! فهو  مشهد  حقيقي  واقعي  قريب  لما  وصف  الله  تعالى   عن  يوم  القيامة   ! إذن  فهو  قريب   لذلك  اليوم الذي  نأتي  إلى الله  تعالى  بعد  خروجنا  من  القبور  حفاة  عراة   غرلا  يقول الله تعالى  : (  يخرجون   من  الأجداث  كأنهم  جراد  منتشر  ).
وإن  اطّلاع الرب تبارك وتعالى   وتجليه  في عشية  يوم  عرفة المبارك  على الحجاج والذين  أتوا  شعثاً  غبراً  رجالاً  ونساء  صغاراً  وكباراً   شباباً وشيباً  على  تنوع أشكالهم   وألوانهم   وتعدد  بلدانهم   يشبه  هذا   تجلي  الباري تبارك وتعالى   في  عرصات    يوم  القيامة   للناس   أجمعين …
 يوم  التاسع من ذي الحجة هو   يوم  عرفات الله تعالى   ؛   له  فضائلٌ وعبرٌ وأهمية  كبيرة  وعظيمة  عند  المسلمين والمسلمات  أجمعين  ومن تلك الفضائل  :
أولاً: يوم  عرفة هو يوم   الحج الأكبر وهو  أعظم  وأكمل  وأفضل أيام  العشر  الأولى من شهر ذي الحجة المبارك؛ فهو العظيم في القرآن الكريم   وهو العظيم  بهدي  رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: اجتماع  الحجاج في عرفات الله تعالى  جميعاً  ،  ولا  يتخلف عن  هذا  الركن العظيم  ولا  هذا  النسك  مسلم  من  المسلمين الحجاج . فهم شهود  حضور في  يوم عظيم  مشهود .
ثالثاً : حضورهم وسماعهم  لخطبة  يوم  عرفة العظيم   ثم  الصلاة  هناك  الظهر   والعصر  جمعاً  وقصراً  ،  لكي  يتفرغ  الحجاج للقرآن الكريم والذكر  لله  تعالى  ..
رابعاً : الذكر  الذي  رضيه  الله تعالى   لرسول الله صلى الله عليه وسلم   وللنبين عليهم  السلام   قبله  ،  ورضيه  صلى الله عليه وسلم   للصحابة وللتابعين   ولنا  جميعاً  إلى  يوم الساعة  🙁  لا إله  إلا الله وحده لاشريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير   )  .
خامساً:  هذا  الدعاء  هو  خير  ما  يقال  يوم  عرفة  كله  ولذا  يستحب  للحاج   وغير  الحاج  من  المقيمين  أن  يلهجوا  بهذا الذكر  وهذا  الدعاء في يوم   عرفه  كله   من  طلوع  الفجر   إلى  غياب الشمس  ذلك  اليوم .
سادساً: الإكثار  من  ذكر الله تعالى  المطلق  ومن أفضل الذكر  تلاوة القرآن الكريم   ثم  دعاء   يوم  عرفة  ثم  الدعاء  للنفس  وللزوج  وللزوجة  وللأولاد وللوالدين والإخوة والأخوات الصغار والكبار من  المسلمين والمسلمات وغيرهم .
سابعاً: اللحظات  والثواني والدقائق والساعات   ليوم  عرفة نفيسة وغالية جداً   ولا   تقدر  بأثمان   الدنيا كلها  فعلى  المسلم المؤمن  والكيس الفطن  أن يجعلها   كلها  ذكر  وشكر  ودعاء  وصدقة وتلاوة القرآن العظيم.
ثامناً: صيام  يوم  عرفة  أو  صيام   التاسع  من ذي الحجة  لغير  الحاج     يكفر ذنوب  سنتين هي  السنة  الماضية   والسنة   الباقية  !   كما قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم  لما   سئل  عن  صيام  يوم عرفة : أحستب على الله  تعالى أن  يكفر  ذنوب  السنة الماضية  والباقية .
تاسعاً:  الإصلاح والتغيير   ما بيننا  وبين  الله  تعالى بفتح  صفحات  جديدة  من  التوبة والإنكسار  والعودة   إليه  ، بالمحافظة  على أداء الصلوات الخمس ، والإكثار من  الصدقة والإكثار   من ذكر  الله تعالى وتلاوة القرآن العظيم…
عاشراً  : حسن  الظن بالله تعالى  أنه  تبارك  وتعالى   ما  وفق وأعان  ولا  سهل   وأرشد   ولا  رفع  وأكرم  ولا  ساق  الجميع إلى  موسم  الحج الأكبر  ولا   وفق  غير  الحجاج  إلى  الصيام   وتلاوة القرآن العظيم والصدقة  والصلاة إلا ليغفر  لهم  ويرحمهم  ويدخلهم  الجنة عرفاها لهم .
 اللهم إنا  نسألك العافية في الدنيا والآخرة   اللهم إنا  نسألك  العفو  والعافية في ديننا   ودنيانا   وأهلنا  وأولادنا، اللهم  أستر عوراتنا  وأمن  روعاتنا  واغفر  زلاتنا  وأحفظنا  اللهم  من بين أيدينا  ومن خلفنا  وعن  أيماننا   وعن  شمائلنا  ونعوذ   بعزتك  أن  نغتال  من  تحتنا برحمتك  يا  أرحم  الراحمين     آمين   آمين    آمين   يارب العالمين…

   المصلح والمستشار الأسري

د.   سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى