في ظلال المشهد المسرحي
مسرح مرايا

مسرح مرايا
في جبال الحجاز الشامخة وبين التشكيلات الصخرية في محافظة العلا، وبين الجبال الرملية العريقة، يتلألأ مبنى فريد من نوعه يعكس الشمس والسماء والطبيعة من حوله. إنه مسرح مرايا، المبنى الذي لم يكتفِ بأن يكون تحفة معمارية، بل أصبح أيضًا رمزًا لمرحلة جديدة من التحول الثقافي والسياحي في المملكة العربية السعودية، ضمن إطار رؤية السعودية 2030، ليكون تحفة معمارية بديعة.
مسرح مرايا هو صرح ثقافي يقع في محافظة العلا شمال غرب المملكة. يتميز بأنه مغطى بالكامل من الخارج بألواح عاكسة (مرايا) تجعله يتناغم مع البيئة الصحراوية المحيطة به، وكأنه جزء منها. تم افتتاحه عام 2019، وسرعان ما دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتباره أكبر مبنى مغطى بالمرايا في العالم، بمساحة مرايا تتجاوز 9,740 مترًا مربعًا.
ويعتبر مرايا كرمز لرؤية المملكة 2030، وتُعد هذه الرؤية الطموحة مشروعًا وطنيًا طموحًا يقوده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط من خلال تطوير عدة قطاعات، من بينها الثقافة، والسياحة، والفنون، والترفيه.
ويأتي مسرح مرايا ليخدم هذه الرؤية، ويحقق محاور الرؤية وطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، وليحقق تحفيز السياحة الثقافية، حيث تعد العلا من أقدم المناطق المأهولة في الجزيرة العربية، وموقعًا أثريًا مهمًا. ومع إنشاء مسرح مرايا، أصبحت المنطقة وجهة عالمية تستقطب السياح من مختلف دول العالم، لا سيما خلال مواسم شتاء طنطورة وغيرها من الفعاليات التي تستضيفها الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
كما يستقطب المسرح الفعاليات العالمية، حيث استضاف مسرح مرايا نخبة من الفنانين العالميين مثل أندريا بوتشيلي، وياني، ولانغ لانغ، فضلًا عن مؤتمرات ثقافية وفنية دولية. هذا الانفتاح يعكس توجه المملكة نحو التواصل الحضاري والانفتاح على العالم.
ومن أهم منجزات مسرح مرايا هو إبراز الهوية السعودية الحديثة، حيث تصميم مرايا الفريد يعكس الطابع المعماري المعاصر، ويُبرز الوجه الجديد للمملكة الذي يجمع بين الأصالة والحداثة، ويعكس روح الابتكار والتجديد التي تسعى إليها الرؤية.
لم يكن تأثير مسرح مرايا جماليًا فقط، بل امتد إلى الأثر الثقافي والاقتصادي، فاقتصاديا جذب المسرح أعدادًا كبيرة من الزوار، مما أسهم في تحريك القطاع السياحي المحلي وتوفير فرص عمل في المنطقة، وثقافيا ساهم في تعزيز الحراك الثقافي داخل المملكة، وأصبح منبرًا للفن والموسيقى والعروض المسرحية والسينمائية، أما بيئيًا، فقد تم تصميم مرايا ليكون متوافقًا مع بيئة العلا، ويحترم طابعها الطبيعي، ويعكس التزام المملكة بالتنمية المستدامة.
وأخيرا فمسرح مرايا ليس مجرد مبنى، بل هو مرآة لرؤية السعودية 2030، وتجسيد عملي لما تسعى إليه المملكة من تحول حضاري شامل. من خلاله، تُعلن السعودية للعالم أنها لم تعد فقط موطنًا للنفط، بل صارت أيضًا موطنًا للفن
والثقافة والجمال. وفي ظل استمرار المشاريع الكبرى التي أطلقتها الرؤية، مثل نيوم، والقدية، وذا لاين، فإن مرايا يظل شاهدًا ساطعًا على بداية هذا التحول العظيم