كُتاب الرأي

كيف تعلم أنك فهمت الحياة

 

يدرك الإنسان مع مرور الأيام أن السعادة لا تقدر بثمن فيسعى جاهدًا، أن تتحقق له ، ويبذل ما بوسعه حتى يشعر بالأنس والاستقرار.
الإنسان بطبعه اجتماعي يعيش في مجموعات ولا يستطيع العيش منفردًا، إلا أنه يمر بمواقف، وأحداث تجعله أحيانًا في حالة بحث دائمة عن نفسه، فينزوي مبتعدًا بها عن الصخب محاولاً الاكتفاء من كل شيء ، رغم هذا الشيء إلا أنه لا يستغني عن هذاك الاحساس الواسع الذي يشعر معه بإنسانيته، فيعمل باستمرار لأن يتغير من أجل راحته ، ومن أجل صحته ومن أجل أحلامه،لذا لا غرابة أن نلمس ذلك التغير الذي يعد باعثًا من بواعث فهم الحياة، فالهدوء وعدم الغضب والسكينة والإخبات،والانعزال عن الضجيج ،وأحيانًا اللامبالاة، والإطفاء للمواقف وتجاهل السخافات والابتعاد عن الحماقات، والتفكير بمنطق، والقدرة على الاسترخاء،ومتعة التأمل، والقيام بالأنشطة الذهنية التي تحسّن مستوى التركيز وترفع مستوى الثقافة واللياقة اللفظية ؛ كالقراءة والاطلاع وممارسة بعض الأنشطة البدنية التي يشعر معها بالوجودية مثل الالتحاق بالأندية الأدبية ، وحلقات التحفيظ ، وتعلم رياضات الدفاع عن النفس وممارسة ركوب الخيل، واستثمار الوقت في السفر الطويل ونعني به السفر للأقطار والبلدان وعدم الاكتفاء بالعيش في مكان واحد، والتعرف على ثقافات جديدة ومهارات حديثة ولغات أجنبية،وحضور المؤتمرات التربوية والتعليمية وكتابة الروايات ، والقصص ، وتعلم الموسيقى إلى غيرها من الأشياء المساعدة على فهم هذه الدنيا عندها سوف يصل إلى مرحلة يرى فيها كل الأشياء متساوية ولا تستحق الرد أو حتى الالتفات! نعم سوف يرى كل شيء في المستوى الطبيعي.
إن فهمنا للدنيا يشكل أحد أهم الأسباب للخلو من الأمراض ، والانتكاسات الذاتية ، كما أنه يعاوننا على مواصلة رحلتنا مع العمر بأقل الخسائر.
فهمنا للحياة يدفعنا للاهتمام بأنفسنا والتفتيش عما يرضيها بالتالي سوف نخلق انسجامًا بين مانظهره من اهتمام وبين ما نرغب الوصول إليه من الرضى ، قطعًا هذا الإجراء سيكون مثيرًا ومحفزًا على المزيد من الإغراءات في فهم الدنيا.
إنّ أهم العلامات النفسية التي تدل على أن الشخص واقع في دائرة الفهم للحياة ؛ الهدوء وعدم الغضب، فالهدوء هو الشيء الذي يتعين على الإنسان العمل به في حياته هذا يكسبه السكينة ويمنحه فرصة العيش بعيدًا عن التهيج العاطفي غير اللازم، أما الاستسلام للغضب ! فكما يعلم الجميع أنه داء العقل والتخلص منه مطلب هام ، حتى يصبح بمقدورنا التعامل مع الأنشطة الذهنية المثيرة للإندفاعية، والمسببة للاضطرابات العقلية.
فلنأخذ مثالاً للهدوء والغضب على حد سواء، لنتعرف كم هو الفارق بينهما.
فهدوء الشخص دليل على أنه واسع الأفق ، يتبع نظامًا صارمًا في ضبط النفس من أجل أن يحيا حياة خالية من الكدر ، إذ نجده متلزمًا بالأسلوب الهادئ عند التعامل مع حالات الرفض لأفكاره أو المقاومة الفكرية لمقترحاته، تجده في أقصى درجات الهدوء، والثبات رابط الجأش، ممتلئًا بالثقة، مبتسمًا، وقورًا، صلبًا ، ذاك الأسلوب الذي يستعمله، يمنحه انطباعًا جيدًا عن نفسه ويكون مصدر إلهام لتحقيق الراحة والمحافظة على استقراره النفسي.
أما الاستسلام للغضب فإنه يفقده المكانة اللائقة به،وتنكمش عنده مفاهيم الاستمتاع بالحياة التي مرت بنا في هذا المقال بالتالي يقع تحت تأثير الاستثارة النفسية الزائدة التي تفقده هيبته، ومكانته، ويترتب عليه آثار لا حصر لها فتضيع منه متعة الحياة، في الختام إذا أراد الإنسان أن يعرف طريقًا يساعده على فهم واستيعاب ما يدور في محيطه ومداره الاجتماعي عليه باتباع هذه الإرشادات:
اقتلاع القلب من مكانه وتحكيم العقل.
استيعاب الدنيا أنها فانية، والاستمتاع بها وبكل مافيها وعدم حرمان النفس من زخرفها.
التخلص من التبرير لأي تصرف يقوم به فالناس لن ترضيها حتى لو قمت بفريضة الحج عنهم.
استثمار الفرص واقتناصها وهذا دليل على الذكاء وسعة الفهم.
على الإنسان أن يدرك أن الأيام لن تعود فإن أدرك هذا الأمر بالتأكيد سيكون أسعد الخلق.
وفي الآخر يتعين عليه أن يستخدم قاعدة هامة يستعملها علماء الاجتماع تعطي له طاقة إيجابية وتمنحه القبول الذاتي وهي:
كل من تعمد أن يفهمك خطأ كان بمقدوره أن يفهمك بطريقة صحيحة لكنه أراد أن يفهمك بالطريقة التي تناسبه فاستمتع بحياتك من أجلك وكفى.

علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى