كُتاب الرأي

صرخة قلب

في زحمة الحياة وضجيجها، نمر بلحظات نشعر فيها بأننا وحيدون تمامًا، حتى وإن كنا محاطين بالناس. تلك اللحظات، التي تشبه صرخة قلب يبحث عن الأمان، تجعلنا ندرك حاجتنا إلى شخص يمنحنا الدفء، الإنصات، والدعم. هذه الكلمات ليست مجرد تعبيرات عابرة، بل هي انعكاس لمشاعر عميقة تكشف عن هشاشة الإنسان وحاجته المستمرة إلى التقدير والمساندة.

نحن بطبيعتنا مخلوقات اجتماعية، نسعى للتواصل والانتماء. لا يمكن للعزلة أن تُشبع حاجتنا العاطفية، ولا يمكن للإنجازات وحدها أن تمنحنا الإحساس بالكمال. في الأوقات الصعبة، وجود شخص يخفف عنا الحمل ويُشعرنا بأننا لسنا وحدنا يُحدث فرقًا كبيرًا. كما أن وجود شخص يؤمن بنا ويحفزنا يساعدنا على رؤية إمكانياتنا بشكل أوضح ويدفعنا للتقدم.

تُصبح الكلمات التي نرددها مثل “أحتاجك” أو “أريدك”، صرخة تعبير عن طلب الحضور الجسدي والعاطفي. أحيانًا، لا نحتاج إلى حلول لمشكلاتنا بقدر ما نحتاج إلى من يُشاركنا لحظاتنا، يستمع لنا بإنصات حقيقي، ويُشعرنا بالأمان. نحتاج إلى مساحة آمنة نكون فيها على طبيعتنا، بعيدًا عن قسوة الحياة وضغوطها.

التعبير عن هذه الحاجة ليس ضعفًا، بل قوة. الصراحة في إظهار احتياجاتنا، واختيار الوقت المناسب للحديث عنها، وإظهار التقدير لمن يقدم الدعم، يجعل التواصل أكثر عمقًا وصدقًا. ولكن، من المهم أن نحافظ على توازن صحي في علاقاتنا، بحيث لا تتحول حاجتنا إلى الآخر إلى اعتماد مفرط قد يُرهق العلاقة.

هذه الكلمات ليست استسلامًا، بل هي اعتراف بأننا بشر نحتاج إلى الآخرين في حياتنا. عندما نطلب منهم الحضور، نفتح بابًا للتفاهم والتعاون المشترك. نحن لا نعيش في فراغ، بل في شبكة من العلاقات التي تتيح لنا النمو والتطور. فلا تخف من التعبير عن حاجتك؛ فبإظهارها نُظهر قوتنا في مواجهة تحديات الحياة والوصول إلى حلول مشتركة.

 

معلا السلمي

كاتب رأي

معلا علي السلمي

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى