حين يكتب الغيم… رسائل السماء إلى القلوب

✍🏻 حين يكتب الغيم… رسائل السماء إلى القلوب ❤️
بعض النصوص لا تُكتب بالحبر، بل بالندى المعلّق على أطراف الغيم.
في اللحظات التي يتثاقل فيها الغيم فوق المدن، يشعر القلب أن السماء قررت أن تهمس له سرًّا.
الغيم لا يكتفي بتغطية الشمس، بل يمدّ ظله على الأرواح المتعبة، وكأنه يكتب لها وصية بالصبر، أو دعوة للسكينة.
في كل مشهد غيم، هناك نصّ مخفي لا يراه إلا من يقرأ بالعاطفة قبل العين، ومن يعرف أن الرسائل الأجمل تصل بلا طابع بريد… بل برحلة هادئة من السماء إلى القلب.
الغيم، في جوهره، ليس ماءً عالقًا في السماء فحسب، بل ذاكرة كونية تحمل تفاصيل لم تُكتب على الأرض.
كل قطرة فيه مرت على بحار بعيدة، فوق جبال نائمة، وحقول لم يزرعها أحد، قبل أن تتجمع في لوحة معلّقة فوق رؤوسنا.
حين نتأمله، ندرك أننا أمام كاتب صبور، ينتظر اللحظة المناسبة لينثر حروفه مطرًا، أو يتركها عالقة كجملة لم تكتمل بعد.
وربما لهذا السبب، حين ننظر إلى الغيم، نشعر بأننا نقرأ شيئًا عن أنفسنا… شيئًا كنا نبحث عنه منذ زمن، دون أن نعرف اسمه.
حين يمر الغيم فوقنا، تتحرك في الداخل أمواج صغيرة من الشعور.
يذكّرنا بأن الحزن يمكن أن يكون جميلاً، وبأن الظلال ليست دائمًا نقيض النور، بل أحيانًا هي رحم الضوء قبل أن يولد.
وكما يغيّر الغيم شكل السماء في كل لحظة، يغيّر شكل قلوبنا… فتارة يسكب فيها طمأنينة تشبه المطر الأول، وتارة يثير فيها شوقًا لمكان لم نزره أو زمن لم نعشه.
الغيم لا يفرض نفسه، بل يجيء متخففًا من الضجيج، كزائر يعرف كيف يترك أثراً عميقًا دون أن يطرق الباب.
«أيها العابر تحت ظلّي…»
أنا لا أجيء مصادفة، ولا أغادرك بلا معنى.
أحمل لك ما لا تستطيع الكلمات قوله: دفء لا يأتي من شمس، وحنين لا يصدر عن ماضٍ معلوم.
أجيء لأذكّرك أن البطء فضيلة، وأن الانتظار قد يكون أجمل من الوصول.
وإن بللتك بمطري، فذلك لأغسل عنك ما علّق بك من غبار الأيام، وأتركك نقيًّا كما خُلقت… جاهزًا لتبدأ من جديد.
وفي النهاية…
نكتشف أن الغيم لم يكن مشهدًا عابرًا في السماء، بل صفحة من كتاب الحياة فُتحت أمامنا بلا موعد.
كل غيمة تحمل حكاية، وكل ظل يرسم ممرًا نحو شيء أعمق من العين.
وحين نتعلّم قراءة الغيم، سنعرف أن السماء لا تكتب عبثًا… وأن الرسائل التي تهبط منها ليست إلا انعكاسًا لما تكتبه أرواحنا في صمت.
فلتترك نافذتك مفتوحة، ودع الغيم يكتب عنك ما لم تستطع أنت أن تكتبه لنفسك.