كُتاب الرأي

حكامنا من ترابنا الذي ننتمي إليه

 

في الماضي، كانت جزيرتنا العربية تعج بالقبائل المتناحرة، المتشتتة في تخومها، وكل قبيلة تسعى لفرض نفوذها على الأخرى وسط بيئة جغرافية قاسية صعبة.

كانت الحروب والصراعات بين قبائلنا سمة من سماتنا في تلك الحقبة، والانقسام عنوان بارز بين أبناء جزيرتنا.

ولم يكن لدينا كيان موحد كبقية الدول يمكن أن نلتف حوله أو نشعر بالانتماء إليه، فكل قبيلة كانت تعيش في عزلة عن الأخرى، و التواصل فيما بينها محدود جدا، إن لم يكن معدوما- في كثير من الأحيان-.

لكن هذا الواقع المظلم بدأ يتغير عندما ظهرت على ساحتنا شخصية مؤثرة استطاعت تحويل مجرى التاريخ، إنها شخصية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الذي آمن بأن وحدة بلادنا تحت راية واحدة هي السبيل الوحيد لإنهاء حالة الفوضى والصراعات القبلية المتزايدة، وأن قوتنا تكمن في توحيد صفوفنا، وتجاوز خلافاتنا، فقام برحلة شاقة ومعقدة لتوحيد قبائلنا المتفرقة اولا، معتمدا على رؤية ثاقبة وشجاعة وعزم لا تلين، وعمل دؤوب على تحقيق هدفنا الأسمى.

وفي الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932، كانت ولادة مملكتنا الجديدة ولادة طبيعية، وتوحدنا تحت راية التوحيد، وأعلنا قيام مملكتنا العربية السعودية.

هذا اليوم التاريخي لم يكن فقط مجرد إعلان عن ميلاد دولة جديدة، بل كان إيذانا ببدء عهد جديد من الوحدة والاستقرار و الامن، وإقامة دولة حديثة تقوم على أسس راسخة، تجعل من العدل ﻭ المساواة والأمن والتوحيد إركانا أساسية لها.

بعد هذا الأمن والتوحيد بايعنا عبد العزيز ملكا علينا و على بلادنا، وبدأ رحلة بناء دولة حديثة تتحدى الزمن، وتتفوق على صعوباته، كانت بيعتنا بمثابة عقد اجتماعي بين حاكم ومحكوم، يجسد فيه الملك قيم العدالة والمساواة والحق والشورى والحرص على مصالح الشعب، ويجسد فيه الشعب روح الولاء والانتماء للمليك والوطن الذي يعيش فيه مرفوع الرأس.

هذه البيعة لم تكن اعادة مراسم تنصيب شكلية، بل كانت صورة سنوية حقيقية لتلاحم القيادة و الشعب، والتزام متبادل بينهما للعمل على نهضة الوطن وتقدمه ، و توالت الإنجازات تلو الإنجازات، و يعمل الملك على ترسيخ دعائم دولتنا الحديثة، و يؤسس المؤسسات الحكومية التي تضمن استقرارنا وتقدمنا، ويطلق مشاريع البنية التحتية، ويربط بين أطراف المدن المترامية، و شهدت بلادنا في عهده نهضة تعليمية وصحية واقتصادية، أسهمت في رفع مستوى معيشتنا، وتعزيز مكانة مملكتنا على الساحة الدولية.

ما يميز مملكتنا عن غيرها هو تمسكنا بنظامها الملكي ليس كخيار سياسي فحسب، بل كجزء لا يتجزأ من هويتنا الوطنية وخيار استراتيجي لا نقبل عنه بديلاً ، فنحن شعب يرفض أي شكل آخر من أشكال الحكم، لأن حكامنا ليسوا غرباء عنا ولا دخلاء علينا، بل هم من أبناء جلدتنا، وينتمون إلى نفس التراب الذي ننتمي إليه، ويشاركوننا تطلعاتنا وآمالنا، وأفراحنا وأتراحنا ، ولم يكن نظامنا يوماً مستبداً، بل كان دائماً منصتاً لصوتنا، مسترشداً بمشورتنا في قضايا الحكم والإدارة.

على مرّ تاريخنا الطويل، أثبتنا أن نظامنا الملكي ليس مجرد خيار مناسب لنا، بل هو الضمانة الحقيقية لاستقرارنا وتقدمنا ، لم يكن أداة للقمع أو الاستغلال، بل كان ركيزة لتحقيق نهضتنا وازدهارنا، والحفاظ على وحدتنا وأمن بلادنا.

في هذا اليوم المجيد، نستذكر بفخر كيف انطلقت مسيرتنا من بدايات متواضعة، وكيف تحولنا من قبائل متفرقة إلى كيان واحد قوي متماسك تحت راية واحدة، و نستحضر دور قيادتنا الرشيدة التي قدمت مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، وسعت إلى تحقيق رفاهيتنا و تقدمنا ، و احتفالنا باليوم الوطني اليوم مهم بالنسبة لنا،  وليس مجرد ترف و إحياء لذكري، بل هو احتفال بإنجازاتنا العظيمة وبكل خطوة خطوناها في بناء دولتنا تحت قيادة حكيمة و رؤية مستقبلية طموحة..

محمد الفريدي

رئيس التحرير

محمد الفريدي

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى