كُتاب الرأي

تراثنا الجميل: بين نسيان الأجيال وحنين الماضي

 

بين زحام الحياة ومتطلبات العصر الحديث، يجد تراثنا العريق نفسه غريبًا عن الأجيال الجديدة، ضائعًا بين رفوف النسيان ، فبينما نحرص على تعليم أبنائنا أحدث العلوم والتكنولوجيا، نغفل عن غرس حب التراث في نفوسهم وتعريفهم بتلك الكنوز الثقافية التي تميزنا عن غيرنا.

لقد شهدتُ بنفسي في العديد من المناسبات، وخاصةً حفلات الزواج، كيف انصرفنا عن إحياء تراثنا الجميل، مكتفين بتعليمه لأبنائنا دون الحرص على تطبيقه وممارسته ، فأين تلك الرقصات الشعبية التي كانت تُزين حفلاتنا وتُضفي عليها طابعًا مميزًا؟ وأين تلك الأهازيج التي كانت تُرددها الجدات وتُعبر عن أصالة مجتمعنا؟

إنّ بعض القبائل، ولله الحمد، ما زالت مُتمسكة بتراثها، تُعلمه لأبنائها وتُحييه في مناسباتها، مثل قبائل المناجيم والثبته والسلاقاء وبعض خوامس ربيع ، كم أشعر بالغبطة عندما أرى شبابًا في ريعان شبابهم يُتقنون تلك الرقصات الشعبية، يُؤدونها بحرفية عالية تُبهر الناظرين.

ولكن في المقابل، يُصيبني الإحباط عندما أرى الكثير من أبناء جيلي قد أهملوا هذا الجانب المهم من ثقافتنا، تاركين تراثنا فريسة للنسيان.

إنّ إحياء تراثنا ليس مجرد ترفيه أو تسلية، بل هو واجب وطني وأخلاقي. فهو يُعزز هويتنا الوطنية ويُقوي روابطنا الاجتماعية، ويُعرف الأجيال القادمة بأصالة مجتمعنا وعراقته.

ولا بد لنا من العمل سويًا على إحياء تراثنا الجميل، وذلك من خلال:

دمج التراث في المناهج التعليمية و تعريف الطلاب بتراثهم من خلال دروس مخصصة، وتنظيم رحلات وزيارات ميدانية للمتاحف والمواقع الأثرية.

إقامة المهرجانات والفعاليات التراثية و تنظيم مهرجانات سنوية تُسلط الضوء على مختلف جوانب التراث الشعبي، وتُشجع الشباب على المشاركة فيها.

تأسيس مراكز متخصصة في حفظ التراث و جمع وتوثيق التراث الشعبي، ونشر الكتب والمطبوعات التي تُعرف به.

تشجيع الأسر على إحياء التراث في منازلهم وتحفيز الآباء على تعليم أبنائهم الرقصات الشعبية والأهازيج التراثية، وممارستها في المناسبات العائلية.

إنّ إحياء تراثنا واجب وطني وأخلاقي، ولن نستطيع بناء مستقبل مشرق لأبنائنا دون الحفاظ على هويتنا الثقافية وتراثنا العريق ، فلنعمل سويًا على غرس حب التراث في نفوس الأجيال القادمة، ونُحيي تلك الكنوز الثقافية التي تُميزنا عن غيرنا.

اللواء م / محمد سعد الربيعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى