كُتاب الرأي

الإستقرار الزواجي

 

الإستقرار الزواجي
نفخة الروح التي أعقبت قبضة الثرى هي من أسرار أرتقاء الإنسان والإنسانية ومما يزيد التكريم تكريماً والإحتفاء قداسة ! وهذا التعليم والتكريم والإذن للملائكة الأطهار بالسجود له وتسخير كل شيء من المخلوقات في خدمته والعناية به وتلبية احتياجاته ومتطلباته .

إن الإذن بظهور آدم عليه السلام والأم العظيمة حواء عليها السلام في عالم الدنيا لهو تعبير عملي عن إرادة الخير والسعادة والأمل والحبور والسكينة والراحة والهدوء لهذا الكوكب الجميل ألا وهو الأرض .

وإنطلاق لمشروع التمدين والتقدم والتحضر والرقي والإزدهار الذي سوف يصاحب علو هذين المخلوقين المكرمين.

وإن كان الهبوط على الأرض هو الذي يحقق لهما العودة إلى رضوان الله تعالى وجناته شريطة الإعمار والعبادة وحسن التوكل والتفويض والإستفادة من كل المخلوقات المصخّرة لهما ؛ فحي هلا ذلك الهبوط الجميل ! والذي يحسن الظن فيه بالإله العظيم أن يتفضل على الأبوين الكريمين عليهما السلام بالتوفيق والسداد والعون والإعانة إلى كل ما يحب ويرضى.

منذ اللحظة الأولى عرف الأبوان الكريمان عليهما السلام مهامهما وأدوارهما ومسؤولياتهما فوق سطح كوكب الأرض الجميل المبدع وبدأ كل واحد منهما يعمل العمل الذي خلق له وجُبل عليه وفطره الله تعالى عليه ؛ فآدم عليه السلام يعمل في الأرض زراعة وفلاحة وغرساً وبذرا وحصادا ورعياً وحلباً وجمعاً للأرزاق والخيرات ، وحواء عليها السلام أهتمت وركزت وعملت على شؤون بيتها وتربية الأولاد وحسن التنشئة لهم ، وكلاهما يتكاملان ويتعاوننا.

إن رحلة الحياة الزوجية والأسرية شبيهة بتلك الرحلة الممتعة الأولى ! والسعي إلى الإستقرار في الحياة الدنيا تعتمد على التعاون والتراحم والتغافر والتكامل بين الزوجين الكريمين من اليوم الأول إلى اليوم الأخير ، وكذلك على التعارف والتذاكر في تحديد المسؤوليات والمهام والأدوار المنوطة بكل طرف من الأطراف والمكونات الأسرية الاجتماعية .

والسير في حدائق الحياة الزوجية والأسرية السعيدة يتطلب اليقظة والتركيز والبعد عن الأنانية والفردية والنرجسية وذوبان الفرد أو الطرف في المجموعة والأسرة الكريمة كأهداف ومسؤوليات ومهام وأدوار .

إن صورة الأبوان الكريمان آدم وحواء عليهما السلام هي الصورة المثلى والعظمى التي اختارتها السماء حتى تبقى ماثلة وحاضرة أمام كل زوجين على وجه كوكب الأرض الجميل، ولكي ينالوا الاستقرار النفسي والجسدي والعقلي والروحي والسعادة الزوجية على الأزواج والزوجات استحضار الصورة الأولى للأبوين الكريمين عليهما السلام.

لذا على المرأة الطيبة الجميلة الهادئة الحنون المباركة أن تتعرف على تلك الأدوار والمهام والمسؤوليات العظيمة وأن تقوم بها خير قيام .

كذلك على الرجل أن يتعرف على الأدوار والمهام والمسؤوليات العظيمة المنوطة به وعليه القيام بها كما ينبغي وأن يبذل الجهود الطيبة في تحقيق الأمن والأمان

والاستقرار والهدوء والسكينة والراحة والسلامة لبيت الزوجية .

الحياة الزوجية والأسرية هي مصير مشترك تم الاتفاق عليه بين طرفين ! على كل واحد منهما واجبات وله جملة من الحقوق إذا قام وأحسن في أداء الواجبات التي عليه .

والاستقرار الزواجي هو غاية كبرى من غايات وأهداف الحياة الزوجية والأسرية السعيدة منذ بدايتها،
حتى الإلتقاء والاجتماع في الفردوس الأعلى.

فالاتزان والتوازن بين متطلبات الأزواج والزوجات ، وتحقيق الغايات والمرامي السامية لتوجيهات العقد الزواجي الغليظ بينهم هو السبيل نحو الوصول بهم جميعاً نحو الإستقرار والأمن والأمان والطمأنينة.
وقد كان الأبوان الكريمان عليهما السلام منذ بداية الوجود الإنساني القدوة والمثال الأعلى الإنساني الفطري السليم في الإتزان والتوازن والاستقرار في الحياة الزوجية السعيدة.

ولكي يحقق الأزواج والزوجات والأسر الكريمة والعائلة الحبيبة الوصول إلى الإستقرار الزواجي هم بحاجة إلى :

أولاً: العودة إلى معرفة حق الله تعالى على الأزواج والزوجات والإتفاق على أداء ذلك الحق .

ثانياً: التأكيد على قيام الأزواج بالواجبات والمهام والمسؤوليات المنوطة بهم دون غيرهم.

ثالثاً: التأكيد على قيام الزوجات بالواجبات والمهام والمسؤوليات المنوطة بهن دون غيرهن .

رابعاً: الأتفاق على فتح الحوار والحديث الهادف بينهم في جميع الأحداث والوقائع اليومية والأسبوعية والشهرية.

خامساً: التعاون والتكاتف والتآلف والمحبة والرأفة والرحمة بين الأزواج والزوجات وإظهار الإهتمام بين الأزواج
للزوجات وبين الزوجات الكريمات للأزواج الكرام .

سادساً: القبول والتعايش بين الأزواج الكرام للزوجات وبين الزوجات الكريمات للأزواج الكرام .
فعلى كل طرف أن يقبل ويتقبل الطرف الآخر في كل ما يحب منه ويكره !.

سابعاً: التكيف الكامل مع أنماط شخصيات الأزواج للزواجات وأنماط شخصيات الزوجات للأزواج.

ثامناً: التغافل بين الأزواج والزوجات خلق وسلوك عظيم
وعدم رصد الأخطاء والهنات والسلبيات والمقارنات الظالمة ، الوقوف عندها وفتح ملفات المساءلة والمحاسبة على كل شيء .

تاسعاً: التسامح والعفو والصفح بين الأزواج والزوجات خلق من الأخلاق و وفضيلة من الفضائل النبيلة الجميلة .

عاشراً: المحافظة على دعاء الله تعالى بالهداية والإستقامة والتوفيق والسداد والبركة والصلاح من الأزواج الأفاضل للزوجات الفضليات ومن قبل الزوجات الكريمات الكيسات للأزواج الكرام.

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى