إدارة الغضب

إدارة الغضب
يُعبّر الغضب عن الحالة النفسية والمزاجية عندما يتعرض المرء للمؤثرات والضغوط المختلفة والمتباينة وغالباً ما يصاحب تلك الحالة رفع الصوت والزمجرة والحركة الشديدة والسريعة واستخدام لغة الجسد بصورة مضطربة وعشوائية وقد يكون للسان النصيب الأكبر من التعبير عن تلك الحالة في السباب والشتائم والتهديد والقذف واللعن والفجور في الخصومة .
ويظهر الإحمرار في العينين والإنتفاخ في الأوردة والشريايين وربما الاهتزاز في البدن لخوض المعركة مهما كانت النتائج والمحصلة ومهما كلفه الأمر ،، فهو في مرحلة هيجان وعدم استقرار .وكأن العقل يرسل للبدن الإستعداد الكامل والتهيئة القصوى لإعلان الحرب العالمية الكبرى على من أثار فينا هذه الغريزة ، وحرك فينا هذا الطوفان وأثار البركان بعد خموله ..!
قد يغضب المرء عدة مرات في اليوم الواحد ! لكن الأحداث والوقائع والآلام تجري دون توقف ودون رهبة من أحد ! بل ربما زادت مع تفريغ الغضب الأمور سوءًا وصعوبة ! بعد ذلك في حلها ومعالجتها ! وتحتاج تلك النيران التي تم إشعالها وموارتها إلى الفترة الزمنية والنفسية لتنطفئ وتبرد تماماً .
والحالة الغضبية التي تسيطر على النفوس البشرية تسيطر
كذلك على العقل ومراكز التفكير فيه، فهو في حالة عدم إتزان إنفعالي وعدم قدرة على التركيز والعمل الإيجابي في تلك الساعة وهذا يشبه التلوث الضبابي أمام العينين الذي يفقد المرء الرؤية الواضحة والقدرة على التصور لما يرى كذلك الحالة الغضبية تصنع ذلك كله بالعقل البشري فهو لا يكاد يرى شيئاً ولا يسمع شيئاً ولا يعقل شيئاً سوى الأخذ بالثأر وأخذ كامل حقه بلسانه وسنانه وما أوتي من قوة فاعلة في ساعتها .
وتتفاوت البشرية السليمة في مصادر وبواعث الغضب لديها ! فمن الناس من هو غضوب على طول الليل والنهار ! هكذا بطبيعته وطبعه ! ومن الناس من يغضب لأبسط الأمور وأهونها ! ومنهم من يغضب لضياع حقوقه ! ومنهم يغضب نصرة للحق المهدر الضائع ! وهكذا تختلف المصادر والبواعث التي تدفع الناس نحو حالة الغضب !
ولذلك كانت نتائج وعواقب الحالة الغضبية مؤلمة ومدمرة وحق على أصحاب الألباب والفطن أن يرشدوا أنفسهم ويرشدوا الذين يتصفون بالغضب المذموم وسريعي الغضب لأي سبب من الأسباب والتي في الأصل لا يغضب عليها لبيب بالوصايا والتوجيهات التالية :
أولاً: إظهار حسن الظن في الله تعالى:
مهما تغيرت وتقلبت الأحداث والوقائع وأقبلت علينا الدنيا بالشدائد والحدائد ؛ والتحديات والصعوبات والعقبات فالأصل أن كل ذلك من عند الله تعالى، فالخير والشر والصحة والعافية والمرض والحياة والموت كل ذلك من عنده فالعاقل اللبيب يحسن بالله تعالى في كل شؤون حياته .
ثانياً: ما ساقه الله تعالى إلينا من البلاء يريد الباري جل جلاله منه تمحيص قلوبنا وعقولنا واختبار صبرنا وتحمّلنا وقدرتنا على تجاوزه والنهوض بعده . وهو في ظاهره شر ومصيبة وقد يكون في باطنه خير كبير.
ثالثاً: الفرار إلى الله تعالى في ساعات الغضب والحنق بالإكثار من ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ( أستغفر الله العظيم )
( أعوذ بالله العظيم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ).
( بسم الله الرحمن الرحيم وأعوذ بالله العظيم ).
رابعاً: تغيير الحالة التي نحن عليها ؛ فإن كنا قائمين نقعد وإن كنا قاعدين نضطجع أو نتحرك هنا أو هناك ففي ذلك تغيير الحالة الكيميائية في الجسم لتتغير بعد ذلك الحالة النفسية.
خامساً: الإسراع إلى الوضوء فهو عبادة وقربة وطهارة وهدوء وراحة للنفوس وإشراقة وعون لها على عودتها إلى طبيعتها وجمالها وقوتها النفسية ! وللماء آثار إيجابية كبيرة على النفوس سواء كان في الوضوء أو الغسل أو حتى غسل الأطراف وإشباع الرأس منه.
سادساً: الغضب شعلة من الشيطان الرجيم وهو شعلة من النار والمؤثرات والضغوط المختلفة التي ظهرت أمامنا فيها النار وإطفاء النيران بالنيران جنون ! فعلينا التريّث والهدوء والصبر ! وقيادة نفوسنا في تلك الساعات العصيبة.
وهذه هي القوة الحقيقية أن نملك ونسيطر على غضبنا في ساعات الغضب والحنق…!
سابعاً: ساعات الأحداث والوقائع والآلام الأولى هي المثيرات والمؤثرات الحقيقية في مشاعرنا وأحاسيسنا وقدرتنا في التحكم والسيطرة على الاستجابات الأولى هو حبل النجاة من الغرق في طوفان الغضب العظيم ! لذا كان لزاماً علينا جميعاً ضبط نفوسنا عند لحظات الغضب والحنق .
ثامناً: الإبتعاد قدر المستطاع عن المثيرات والمؤثرات التي تثير الغضب لدينا سواء كانت مادية أو معنوية من الذكريات القديمة والصور العالقة في الذاكرة عن بعض الأشخاص الذين يهيجون الغضب لدينا والذهاب بعيداً عن الأماكن التي توتر أعصابنا وتلهب مشاعرنا وكذلك البعد عن سماع الأخبار والأحاديث المؤذية لنا ! والنظر دائما إلى ما يرحنا ويفرحنا ويسعدنا في الدنيا والآخرة.
تاسعاً: صحبة الأشخاص الذين يتصفون بالحلم والتؤدة والهدوء والصبر والتحمل والقبول والرضا فهؤلاء لهم الأثر العريض على أخلاقنا وتعاملنا وتغيير عاداتنا السلبية.وكيفية التعامل مع مواقف الحياة وتحدياتها.
عاشراً: جميع المواقف الصعبة والمحرجة والأحداث المتسارعة المؤلمة في النفوس البشرية والأسر والعوائل ومواقع العمل والمجتمع كلها ابتلاء واختبار لنا من الله تعالى فعلينا ترويض أنفسنا عليها وتدريبها على الصبر والتصبر والمصابرة ونكون في إنتظار العون من الله تعالى عليها والأجر منه في الآخرة قال الله تعالى 🙁 يا أيها الذين آمنوا صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لكم تفلحون ).