أجسادنا المفخخة

الأفكارُ تشبهُ الأشجارُ في حاجتها إلى الضوءِ ، فكما أنَ الأشجارَ المثمرةَ لا تنمو في الظلامِ ، فإنَ الأفكارَ السليمةَ لا تنبتُ في الجهلِ .
الوعيُ والمعرفةُ هما الضوءُ الذي يمكنُ أنْ يغذيَ أفكارنا ويساعدها على النموِ بشكلٍ صحيٍ ومتوازنٍ ، أما أولئكَ الذينَ يرونَ الشرُ وسيلةً لتحقيقِ الخيرِ ، ويعتبرونَ أنَ الغايةَ تبررُ الوسيلةُ ، ولا يعطونَ أيُ قيمةٍ للأخلاقِ والقيمِ الأصيلةِ ، فهمٌ متطرفونَ نشأتْ أفكارهمْ في منابتَ مظلمةٍ متعفنةٍ .
أقوى عقارٍ لتخفيفِ الجهلِ هوَ استخدامنا للعقلِ ، فالأفكارُ المتطرفةُ التي تستخدمُ العقلَ كسلاحِ هيَ أكثرُ ضررا منْ الأجسادِ المفخخةِ بأحزمةٍ ناسفةٍ .
التطرفُ الفكريُ يؤدي إلى العنفِ والتدميرِ ، ويستخدمَ عقولنا كوسيلةٍ لتبريرِ أفعالنا العدائيةِ ، لذا ، يجبُ أنْ نكونَ حذرينَ جدا منْ أفكارنا المتطرفةِ ، ومنْ الخطأِ أنْ نعتقدَ بأنَ بعضَ ” الشرِ ” يمكنُ أنْ يؤديَ إلى الخيرِ ، فالشرُ شرٌ في جميعِ أشكالهِ ويؤدي إلى الفسادِ والدمارِ ، ولا يمكننا الاعتمادُ على أفعالنا السلبيةِ لتحقيقِ نتائجَ إيجابيةٍ ، بلْ يجبُ أنْ نسعى للخيرِ والعدلِ وأنْ نعملَ على تحقيقهما بوسائلَ مشروعةٍ وطيبةٍ .
الجماهيرُ قدْ تكونُ قادرةً على التعرفِ على الأخطاءِ ، ولكنها لا تستطيعُ أنْ توجهنا نحوُ الصوابِ، القراراتُ الصائبةُ والخياراتُ الصحيحةُ تعتمدُ على تحليلنا الشخصيِ وفهمنا للمواقفِ واعتقادنا بالقيمِ الفاضلةِ التي نؤمنُ بها .
نحنُ مسؤولونَ في حياتنا عنْ اتخاذِ القراراتِ الصائبةِ والتصرفِ بشكلٍ حكيمٍ ، بغضِ النظرِ عنْ آراءِ الجماهيرِ ، يجبَ أنْ نكونَ قادةً في حياتنا الشخصيةِ ، نعيشُ وفقا لمبادئنا وقناعاتنا ، وليسَ وفقا لما تريدهُ الجماهيرُ .
العالمُ مليءٌ بالتناقضاتِ والمفارقاتِ ، والأملُ هوَ القوةُ الوحيدةُ التي تدفعنا إلى الأمامِ وتمنحنا القدرةُ على التغييرِ ، وتعطينا الشجاعةُ لمواجهةِ التحدياتِ وبناءِ مستقبلنا ومستقبلُ الأجيالِ القادمة .
أفكارنا وعقولنا هي أدواتنا الأساسيةُ في فهمِ العالمِ منْ حولنا ، فعندما نستخدمُ عقولنا بشكلٍ صحيحٍ ونعتمدُ على أفكارنا السليمةِ ، يمكننا بناءُ مجتمعِ أفضلَ ونحققِ تقدمنا المنشودِ ، لذلكَ يجبُ علينا أنْ نكونَ حريصينَ كلَ الحرصِ على تنميةِ عقولنا وتحسينِ أفكارنا منْ خلالِ القراءةِ والتعلمِ المستمرِ ، فالقيادةُ الحكيمةُ تعتمدُ على فهمنا العميقِ لما يجري من حولنا، وعلى كيفيةِ استخدامِ أدواتِ تفكيرنا المتوازن، وأنَ نقودَ أنفسنا للحق قبلَ أنْ نكونَ قادةً للآخرينَ.
محمد الفريدي