كُتاب الرأي

أبناء الإنتظار

موضي العمراني

أبناء الإنتظار

في لحظاتٍ كثيرة من حياتنا، نشعر وكأن الحظ يصرّ على أن يصفعنا في ذات المكان، بالوتيرة نفسها، وبالنتيجة ذاتها. تتكرر المشاهد، تتغير الوجوه، لكن الشعور يبقى ثابتًا… شعورٌ يُشبه أن تقف في طابور الحياة، وكلما اقترب دورك، تجاوزك الآخرون دون سبب.

تُخيل إلينا تلك الصفعات وكأنها حكاياتٌ مكتوبة مسبقًا، أقدارٌ تقرأها أعيننا دون أن نملك حيلةً في تغييرها. ومع كل لحظة نعتقد أننا تجاوزنا فيها الألم، تأتي صفعةٌ جديدة تُعيد ترتيبنا من الداخل، لا إلى الأمام، بل إلى نقطة البداية.

مؤلم أن نشعر بأننا غير مرئيين في سباق الحياة. أن نُزاح من الواجهة، وكأننا لا نستحق الظهور، لا لأننا عاجزون، بل لأن أقدارنا تُصر على الانتظار. نبتسم رغم الخذلان، نُقنع أنفسنا أن التأخير لا يعني الإلغاء، لكن الحقيقة تظلُّ قاسية، فنحن نكسر أجزاءنا بصمتٍ كل مرة نُؤجل فيها الحلم، ويُمنح لغيرنا.

لكن… ماذا لو كانت هذه الصفعات ضرورية؟

ماذا لو كانت طريقة الحياة في تعليمنا الصبر، والتمييز بين اللحظة المناسبة وتلك التي لا تليق بنا؟

إن كل صفعةٍ، مهما اشتدت، تترك فينا درسًا، وتمنحنا نضجًا لا يُشترى.

فنحن، أبناء الانتظار، نعرف قيمة الوصول، حين يحدث.

نعرف كيف نصنع من الخيبة طريقًا، ومن الصمت قرارًا، ومن الصبر قصة تستحق أن تُروى.

وفي نهاية المطاف، نحن لسنا ضحايا الحظ، بل أبطاله الذين يكتبون نهايات مختلفة، لا تُقاس بالسرعة، بل بثبات القلب وقوة الاستمرار .

كاتبة رأي

موضي العمراني

كاتبة رأي وإعلاميّة وشاعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى